الخاضعين لله المستكينين له في اتباعنا ملة إبراهيم ودينونتنا له بذلك، غير مستكبرين في اتباع أمره والاقرار برسالته رسله، كما استكبرت اليهود والنصارى، فكفروا بمحمد (ص) استكبارا وبغيا وحسدا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون) * يعني تعالى ذكره بقوله: قل أتحاجوننا في الله قل يا محمد لمعاشر اليهود والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، وزعموا أن دينهم خير من دينكم، وكتابهم خير من كتابكم لأنه كان قبل كتابكم، وزعموا أنهم من أجل ذلك أولى بالله منك: أتحاجوننا في الله، وهو ربنا وربكم، بيده الخيرات، وإليه الثواب والعقاب، والجزاء على الأعمال الحسنات منها والسيئات، فتزعمون أنكم بالله أولى منا من أجل أن نبيكم قبل نبينا، وكتابكم قبل كتابنا، وربكم وربنا واحد، وأن لكل فريق منا ما عمل واكتسب من صالح الأعمال وسيئها، ويجازي فيثاب أو يعاقب لا على الأنساب وقدم الدين والكتاب.
ويعني بقوله: قل أتحاجوننا قل أتخاصموننا وتجادلوننا. كما:
1756 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: قل أتحاجوننا في الله قل أتخاصموننا.
1757 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: قل أتحاجوننا أتخاصموننا.
1758 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال:
حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: أتحاجوننا أتجادلوننا.
فأما قوله: ونحن له مخلصون فإنه يعني: ونحن لله مخلصو العبادة والطاعة لا نشرك به شيئا، ولا نعبد غيره أحدا، كما عبد أهل الأوثان معه الأوثان، وأصحاب العجل معه العجل. وهذا من الله تعالى ذكره توبيخ لليهود واحتجاج لأهل الايمان، بقوله تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب محمد (ص): قولوا أيها المؤمنون لليهود والنصارى الذين قالوا