حجاح، عن ابن جريج، في قوله: رب العالمين قال: الجن والإنس. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الرحمن الرحيم) * قال أبو جعفر: قد مضى البيان عن تأويل قوله الرحمن الرحيم، في تأويل بسم الله الرحمن الرحيم، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. ولم يحتج إلى الإبانة عن وجه تكرير الله ذلك في هذا الموضع، إذ كنا لا نرى أن بسم الله الرحمن الرحيم من فاتحة الكتاب آية، فيكون علينا لسائل مسألة بأن يقول: ما وجه تكرير ذلك في هذا الموضع، وقد مضى وصف الله عز وجل به نفسه في قوله بسم الله الرحمن الرحيم، مع قرب مكان إحدى الآيتين من الآخرى ومجاورتها لصاحبتها؟ بل ذلك لنا حجة على خطأ دعوى من ادعى أن بسم الله الرحمن الرحيم من فاتحة الكتاب آية، إذ لو كان ذلك كذلك لكان ذلك إعادة آية بمعنى واحد ولفظ واحد مرتين من غير فصل يفصل بينهما. وغير موجود في شئ من كتاب الله آيتان متجاورتان مكررتان بلفظ واحد ومعنى واحد، لا فصل بينهما من كلام يخالف معناه معناهما، وإنما يأتي بتكرير آية بكمالها في السورة الواحدة، مع فصول تفصل بين ذلك، وكلام يعترض به بغير معنى الآيات المكررات أو غير ألفاظها، ولا فاصل بين قول الله تبارك وتعالى اسمه الرحمن الرحيم من بسم الله الرحمن الرحيم، وقول الله:
الرحمن الرحيم، من الحمد لله رب العالمين.
فإن قال قائل: فإن الحمد لله رب العالمين فاصل بين ذلك. قيل: قد أنكر ذلك جماعة من أهل التأويل، وقالوا: إن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وإنما هو:
الحمد لله الرحمن الرحيم رب العالمين ملك يوم الدين. واستشهدوا على صحة ما ادعوا من ذلك بقوله: ملك يوم الدين فقالوا: إن قوله: ملك يوم الدين تعليم من الله عبده أن يصفه بالملك في قراءة من قرأ ملك، وبالملك في قراءة من قرأ مالك.
قالوا: فالذي هو أولى أن يكون محاور وصفه بالملك أو الملك ما كان نظير ذلك من الوصف، وذلك هو قوله رب العالمين، الذي هو خبر عن ملكه جميع أجناس الخلق، وأن يكون مجاور وصفه بالعظمة والألوهة ما كان له نظيرا في المعنى من الثناء عليه، وذلك قوله: الرحمن الرحيم. فزعموا أن ذلك لهم دليل على أن قوله الرحمن الرحيم بمعنى التقديم قبل رب العالمين، وإن كان في الظاهر مؤخرا. وقالوا: في نظائر ذلك من التقديم