القرآن سيرت به الجبال لسيرت بهذا القرآن استغناء بعلم السامعين بمعناه. قالوا: فكذلك قوله: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم.
وقال آخرون: جواب قوله: ولما جاءهم كتاب من عند الله في الفاء التي في قوله: فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وجواب الجزاءين في كفروا به كقولك: لما قمت فلما جئتنا أحسنت، بمعنى: لما جئتنا إذ قمت أحسنت.
القول في تأويل قوله تعالى: فلعنة الله على الكافرين.
قد دللنا فيما مضى على معنى اللعنة وعلى معنى الكفر، بما فيه الكفاية. فمعنى الآية: فخزي الله وإبعاده على الجاحدين ما قد عرفوا من الحق عليهم لله ولأنبيائه المنكرين، لما قد ثبت عندهم صحته من نبوة محمد (ص). ففي إخبار الله عز وجل عن اليهود بما أخبر الله عنهم بقوله: فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به البيان الواضح أنهم تعمدوا الكفر بمحمد (ص) بعد قيام الحجة بنبوته عليهم وقطع الله عذرهم بأنه رسوله إليهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين) * ومعنى قوله جل ثناؤه: بئسما اشتروا به أنفسهم ساء ما اشتروا به أنفسهم. وأصل بئس: بئس من البؤس، سكنت همزتها ثم نقلت حركتها إلى الباء، كما قيل في ظللت:
ظلت، وكما قيل للكبد: كبد، فنقلت حركة الباء إلى الكاف لما سكنت الباء. وقد يحتمل أن تكون بئس وإن كان أصلها بئس من لغة الذين ينقلون حركة العين من فعل إلى الفاء إذا كانت عين الفعل أحد حروف الحلق الستة، كما قالوا من لعب لعب، ومن سئم سئم، وذلك فيما يقال لغة فاشية في تميم، ثم جعلت دالة على الذم والتوبيخ ووصلت ب " ما ".