ذلك من أبعاضها. ولا يضر الجهل بأي ذلك ضربوا القتيل، ولا ينفع العلم به مع الاقرار بأن القوم قد ضربوا القتيل ببعض البقرة بعد ذبحها، فأحياه الله.
فإن قال قائل: وما كان معنى الامر بضرب القتيل ببعضها؟ قيل: ليحيا فينبئ نبي الله موسى (ص) والذين ادارأوا فيه من قاتله.
فإن قال قائل: وأين الخبر عن أن الله جل ثناؤه أمرهم بذلك لذلك؟ قيل: ترك ذلك اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام الدال عليه نحو الذي ذكرنا من نظائر ذلك فيما مضى.
ومعنى الكلام: فقلنا: اضربوه ببعضها ليحيا، فضربوه فحيي كما قال جل ثناؤه: أن اضرب بعصاك البحر فانفلق والمعنى: فضرب فانفلق. يدل على ذلك قوله: كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون.
القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يحيي الله الموتى.
وقوله: كذلك يحيي الله الموتى مخاطبة من الله عباده المؤمنين، واحتجاج منه على المشركين المكذبين بالبعث، وأمرهم بالاعتبار بما كان منه جل ثناؤه من إحياء قتيل بني إسرائيل بعد مماته في الدنيا، فقال لهم تعالى ذكره: أيها المكذبون بالبعث بعد الممات، اعتبروا بإحيائي هذا القتيل بعد مماته، فإني كما أحييته في الدنيا فكذلك أحيي الموتى بعد مماتهم، فأبعثهم يوم البعث، فإنما احتج جل ذكره بذلك على مشركي العرب وهم قوم أميون لا كتاب لهم، لان الذين كانوا يعلمون علم ذلك من بني إسرائيل كانوا بين أظهرهم وفيهم نزلت هذه الآيات، فأخبرهم جل ذكره بذلك ليتعرفوا علم من قبلهم.
القول في تأويل قوله تعالى: ويريكم آياته لعلكم تعقلون.
يعني جل ذكره: ويريكم الله أيها الكافرون المكذبون بمحمد (ص) وبما جاء به من عند الله من آياته وآياته: أعلامه وحججه الدالة على نبوته لتعقلوا وتفهموا أنه محق صادق فتؤمنوا به وتتبعوه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون) *