يكون تائبا إلا وهو مهتد، ولا مهتديا إلا وهو تائب. فكذلك لا يمكن أن يكون الله آمرا شيئا بالوجود إلا وهو موجود، ولا موجودا إلا وهو آمره بالوجود ولذلك استجاز من استجاز نصب فيكون من قرأ: إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن يقول له كن فيكون بالمعنى الذي وصفنا على معنى: أن نقول فيكون.
وأما رفع من رفع ذلك، فإنه رأى أن الخبر قد تم عند قوله: إذا أردناه أن نقول له كن إذ كان معلوما أن الله إذا حتم قضاءه على شئ كان المحتوم عليه موجودا، ثم ابتدأ بقوله: فيكون، كما قال جل ثناؤه: لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء، وكما قال ابن أحمر:
يعالج عاقرا أعيت عليه * ليلقحها فينتجها حوارا يريد: فإذا هو ينتجها حوارا.
فمعنى الآية إذا: وقالوا اتخذ الله ولدا، سبحانه أن يكون له ولد بل هو مالك السماوات والأرض وما فيهما، كل ذلك مقر له بالعبودية بدلالته على وحدانيته. وأنى يكون له ولد، وهو الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل، كالذي ابتدع المسيح من غير والد بقدرته وسلطانه، الذي لا يتعذر عليه به شئ أراده بل إنما يقول له إذا قضاه فأراد تكوينه: كن، فيكون موجودا كما أراده وشاءه. فكذلك كان ابتداعه المسيح وانشائه إذ أراد خلقه من غير والد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون) * اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله: وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله فقال بعضهم: عنى بذلك النصارى. ذكر من قال ذلك:
1544 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي