تعلمون) أي فيكم ومنكم ولم يبدها لهم من المعصية والفساد وسفك الدماء.
وقال آخرون: معنى ذلك أني أعلم ما لا تعلمون من أنه يكون من ذلك الخليفة أهل الطاعة والولاية لله. ذكر من قال ذلك:
533 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: قال: (إني أعلم ما لا تعلمون) فكان في علم الله أنه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة.
وهذا الخبر من الله جل ثناؤه، ينبئ عن أن الملائكة التي قالت: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) استفظعت أن يكون لله خلق يعصيه، وعجبت منه إذ أخبرت أن ذلك كائن، فلذلك قال لهم ربهم: (إني أعلم ما لا تعلمون) يعني بذلك والله أعلم: إنكم لتعجبون من أمر الله وتستفظعونه وأنا أعلم أنه في بعضكم، وتصفون أنفسكم بصفة أعلم خلافها من بعضكم وتعرضون بأمر قد جعلته لغيركم. وذلك أن الملائكة لما أخبرها ربها بما هو كائن من ذرية خليفته من الفساد وسفك الدماء قالت لربها: يا رب أجاعل أنت في الأرض خليفة من غيرنا يكون من ذريته من يعصيك أم منا؟ فإنا نعظمك ونصلي لك ونطيعك ولا نعصيك! ولم يكن عندها علم بما قد انطوى عليه كشحا إبليس من استكباره على ربه. فقال لهم ربهم: إني أعلم غير الذي تقولون من بعضكم. وذلك هو ما كان مستورد عنهم من أمر إبليس وانطوائه على ما قد كان انطوى عليه من الكبر. وعلى قيلهم ذلك ووصفهم أنفسهم بالعموم من الوصف عوتبوا. القول في تأويل قوله تعالى:
(وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (31)) قال أبو جعفر:
534 - حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بعث رب العزة ملك الموت، فأخذ من أديم الأرض من عذبها ومالحها، فخلق منه آدم. ومن ثم سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض.
535 - وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا