عليها إن شاء الله تعالى وأصل ذلك كله ما وصفنا من وضع الشئ في غير موضعه. القول في تأويل قوله تعالى:
(فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتع إلى حين (36)).
قال أبو جعفر: اختلف القراء في قراءة ذلك فقرأته عامتهم: (فأزلهما) بتشديد اللام، بمعنى استزلهما، من قولك: زل الرجل، في دينه: إذا هاف فيه وأخطأ فأتى ما ليس له إتيانه فيه، وأزله غيره: إذا سبب له ما يزل من أجله في دينه أو دنياه. ولذلك أضاف الله تعالى ذكره إلى إبليس خروج آدم وزوجته من الجنة فقال: (فأخرجهما) يعني إبليس (مما كانا فيه) لأنه كان الذي سبب لهما الخطيئة التي عاقبهما الله عليها بإخراجهما من الجنة.
وقرأة آخرون: " فأزالهما "، بمعنى إزالة الشئ عن الشئ، وذلك تنحيته عنه.
وقد روي عن ابن عباس في تأويل قوله (فأزلهما) ما:
618 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج:
قال: قال ابن عباس في تأويل قوله تعالى: (فأزلهما الشيطان) قال: أغواهما.
وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ: (فأزلهما) لان الله جل ثناؤه قد أخبر في الحرف الذي يتلوه بأن إبليس أخرجهما مما كانا فيه، وذلك هو معنى قوله فأزالهما، فلا وجه إذ كان معنى الإزالة معنى التنحية والاخراج أن يقال: " فأزالهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه "، فيكون كقوله: " فأزالهما الشيطان عنها فأزالهما مما كانتا فيه "، ولكن المعنى المفهوم أن يقال: فاستزلهما إبليس عن طاعة الله، كما قال جل ثناؤه:
(فأزلهما الشيطان) وقرأت به القراء، فأخرجهما باستزلاله إياهما من الجنة.
فإن قال لنا قائل: وكيف كان استزلال إبليس آدم وزوجته حتى أضيف إليه اخراجهما من الجنة؟ قيل: قد قالت العلماء في ذلك أقوالا سنذكر بعضها. فحكي عن وهب بن منبه في ذلك ما:
619 - حدثنا به الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عمر بن عبد الرحمن بن مهرب، قال: سمعت وهب بن منبه يقول: لما أسكن الله آدم وذريته، - أو زوجته، الشك من أبي جعفر، وهو في أصل كتابه: وذريته - ونهاه عن الشجرة، وكانت