* (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) * يعني بقوله: ثم بعثناكم ثم أحييناكم. وأصل البعث: إثارة الشئ من محله، ومنه قيل: بعث فلان راحلته: إذا أثارها من مبركها للسير، كما قال الشاعر:
فأبعثها وهي صنيع حول * كركن الرعن ذعلبة وقاحا والرعن: منقطع أنف الجبل، والذعلبة: الخفيفة، والوقاح، الشديدة الحافر أو الخف. ومن ذلك قيل: بعثت فلانا لحاجتي: إذا أقمته من مكانه الذي هو فيه للتوجه فيها.
ومن ذلك قيل ليوم القيامة: يوم البعث، لأنه يوم يثار الناس فيه من قبورهم لموقف الحساب.
ويعني بقوله: من بعد موتكم من بعد موتكم بالصاعقة التي أهلكتكم.
وقوله: لعلكم تشكرون يقول: فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أوليتكم من نعمتي عليكم بإحيائي إياكم استبقاء مني لكم لتراجعوا التوبة من عظيم ذنبكم بعد إحلالي العقوبة بكم بالصاعقة التي أحللتها بكم، فأماتتكم بعظيم خطئكم الذي كان منكم فيما بينكم وبين ربكم. وهذا القول على تأويل من تأول قوله ثم بعثناكم ثم أحييناكم.
وقال آخرون: معنى قوله: ثم بعثناكم أي بعثناكم أنبياء.
حدثني بذلك موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي.
قال أبو جعفر: وتأويل الكلام على ما تأوله السدي: فأخذتكم الصاعقة، ثم أحييناكم من بعد موتكم، وأنتم تنظرون إلى إحيائنا إياكم من بعد موتكم، ثم بعثناكم أنبياء لعلكم تشركون. وزعم السدي أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم.
حدثنا بذلك موسى، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي.
وهذا تأويل يدل ظاهر التلاوة على خلافه مع إجماع أهل التأويل على تخطئته. والواجب على تأويل السدي الذي حكيناه عنه أن يكون معنى قوله: لعلكم تشكرون تشكروني على تصييري إياكم أنبياء.