فقال: " إذا ما انتسبنا "، و " إذا " تقتضي من الفعل مستقبلا. ثم قال: " لم تلدني لئيمة "، فأخبر عن ماض من الفعل، وذلك أن الولادة قد مضت وتقدمت، وإنما فعل ذلك عند المحتج به لا ن السامع قد فهم عناه، فجعل ما ذكرنا من خطاب الله أهل الكتاب الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بإضافة أفعال أسلافهم إليهم نظير ذلك. والأول الذي قلنا هو المستفيض من كلام العرب وخطابها. وكان أبو العالية يقول في قوله: (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) فيما ذكر لنا نحو القول الذي قلناه.
948 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو النضر، عن الربيع، عن أبي العالية: (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) قال: فضل الله: الاسلام، ورحمته:
القرآن.
949 - وحدثت عن عمار، ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بمثله.
القول في تأويل قوله تعالى: (لكنتم من الخاسرين).
قال أبو جعفر: (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) إياكم بانقاذه إياكم بالتوبة عليكم من خطيئتكم وجرمكم، لكنتم الباخسين أنفسكم حظوظها دائما، الهالكين بما اجترمتم من نقض ميثاقكم وخلافكم أمره وطاعته. وقد تقدم بياننا قبل بالشواهد عن معنى الخسار بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى:
(ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (65)) يعني بقوله (ولقد علمتم) ولقد عرفتم، كقولك: قد علمت أخاك ولم أكن أعلمه، يعني عرفته ولم أكن أعرفه، كما قال جل ثناؤه: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) (1) يعني: لا تعرفونهم الله يعرفهم. وقوله: (الذين اعتدوا منكم في السبت) أي الذي تجاوزوا حدي وركبوا ما نهيتهم عنه في يوم السبت وعصوا أمري. وقد دللت فيما مضى على أن الاعتداء أصله تجاوز الحد في كل شئ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.