واذبحوا البقرة التي أمرتكم بذبحها، تصلوا بانتهائكم إلى طاعتي بذبحها إلى العلم بقاتل قتيلكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) * ومعنى ذلك: قال قوم موسى لموسى: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها: أي لون البقرة التي أمرتنا بذبحها. وهذا أيضا تعنت آخر منهم بعد الأول، وتكلف طلب ما قد كانوا كفوه في المرة الثانية والمسألة الآخرة وذلك أنهم لم يكونوا حصروا في المرة الثانية، إذ قيل لهم بعد مسألتهم عن حلية البقرة التي كانوا أمروا بذبحها فأبوا إلا تكلف ما قد كفوه من المسألة عن صفتها فحصروا على نوع دون سائر الأنواع عقوبة من الله لهم على مسألتهم التي سألوها نبيهم (ص) تعنتا منهم له، ثم لم يحصرهم على لون منها دون لون، فأبوا إلا تكلف ما كانوا عن تكلفه أغنياء، فقالوا تعنتا منهم لنبيهم (ص) كما ذكر ابن عباس: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها فقيل لهم عقوبة لهم: إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين فحصروا على لون منها دون لون، ومعنى ذلك أن البقرة التي أمرتكم بذبحها صفراء فاقع لونها.
قال: ومعنى قوله: يبين لنا ما لونها أي شئ لونها، فلذلك كان اللون مرفوعا، لأنه مرافع ما وإنما لم ينصب ما بقوله يبين لنا، لان أصل أي وما جمع متفرق الاستفهام. يقول القائل: بين لنا أسوداء هذه البقرة أم صفراء؟ فلما لم يكن كقوله بين لنا ارتفع على الاستفهام منصرفا لم يكن له ارتفع على أي لأنه جمع ذلك المتفرق، وكذلك كل ما كان من نظائره، فالعمل فيه واحد في ما وأي.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: صفراء فقال بعضهم: معنى ذلك سوداء شديدة السواد. ذكر من قال ذلك منهم:
حدثني أبو مسعود إسماعيل بن مسعود الجحدري، قال: ثنا نوح بن قيس، عن محمد بن سيف، عن الحسن: صفراء فاقع لونها قال: سوداء شديدة السواد.
حدثني أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، والمثنى بن إبراهيم قالا: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا نوح بن قيس، عن محمد بن سيف، عن أبي رجاء، عن الحسن، مثله.