البيت، وثبت أن القول المضمر خبر عنه وعن والده إبراهيم عليهما السلام.
فتأويل الكلام: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) يقولان: ربنا تقبل منا عملنا وطاعتنا إياك وعبادتنا لك في انتهائنا إلى أمرك الذي أمرتنا به في بناء بيتك الذي أمرتنا ببنائه إنك أنت السميع العليم. وفي إخبار الله تعالى ذكره أنهما رفعا القواعد من البيت وهما يقولان: (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) دليل واضح على أن بناءهما ذلك لم يكن مسكنا يسكنانه ولا منزلا ينزلانه، بل هو دليل على أنهما بنياه ورفعا قواعده لكل من أراد أن يعبد الله تقربا منهما إلى الله بذلك، ولذلك قالا: (ربنا تقبل منا). ولو كانا بنياه مسكنا لأنفسهما لم يكن لقولهما: (تقبل منا) وجه مفهوم، لأنه كانا يكونان لو كان الامر كذلك سائلين لأنفسهما أن يتقبل منهما ما لا قربة فيه إليه، وليس موضعهما مسألة الله قبول ما لا قربة إليه فيه.
القول في تأويل قوله تعالى: (إنك أنت السميع العليم).
وتأويل قوله: (أنك أنت السميع العليم) إنك أنت السميع دعاءنا ومسألتنا إياك قبول ما سألناك قبوله منا من طاعتك في بناء بيتك الذي أمرتنا ببنائه، العليم بما في ضمائر نفوسنا من الاذعان لك في الطاعة والمصير إلى ما فيه لك الرضا والمحبة، وما نبدي ونخفي من أعمالنا. كما:
1698 - حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريح: أخبرني أبو كثير، قال: ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (تقبل منا إنك أنت السميع العليم) يقول: تقبل منا إنك سميع الدعاء. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) * وهذا أيضا خبر من الله تعالى ذكره عن إبراهيم وإسماعيل أنهما كانا يرفعان القواعد من البيت وهما يقولان: ربنا واجعلنا مسلمين لك يعنيان بذلك: واجعلنا مستسلمين لأمرك خاضعين لطاعتك، لا نشرك معك في الطاعة أحدا سواك، ولا في العبادة غيرك.
وقد دللنا فيما مضى على أن معنى الاسلام الخضوع لله بالطاعة.