حلفت بالسبع اللواتي طولت * وبمئين بعدها قد أمئيت (1) وبمثان ثنيت فكررت * وبالطواسين قد ثلثت (2) وبالحواميم اللواتي سبعت * وبالمفصل اللواتي فصلت (3) قال أبو جعفر رحمة الله عليه: وهذه الأبيات تدل على صحة التأويل الذي تأولناه في هذه الأسماء. وأما " المفصل ": فإنها سميت مفصلا لكثرة الفصول التي بين سورها ب " بسم الله الرحمن الرحيم ".
قال أبو جعفر: ثم تسمى كل سورة من القرآن سورة، وتجمع سورا، على تقدير خطبة وخطب، وغرفة وغرف. والسورة بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة، سمي بذلك الحائط الذي يحويها لارتفاعها على ما يحويه. غير أن السورة من سور المدينة لم يسمع في جميعها " سور "، كما في جمع سورة من القرآن " سور ". قال العجاج في جمع السورة من البناء:
فرب ذي سرادق محجور * سرت إليه في أعالي السور (4) فخرج بتقدير جميعها على تقدير جمع برة وبسرة، لان جمع ذلك " بر " و " بسر ".
وكذلك لم يسمع في جميع سورة من القرآن سور، ولو جمعت كذلك لم يكن خطأ في القياس، إدا أريد به جميع القرآن. وإنما تركوا فيما يرى جمعه كذلك لان كل جمع كان بلفظ الواحد المذكور، مثل بر وشعير وقصب وما أشبه ذلك، فإن جماعه كالواحد من الأشياء غيره، ثم جعلت الواحدة منه كالقطعة من جميعه، فقيل " برة " و " شعيرة " و " قصبة "، يراد به قطعة منه. ولم تكن سور القرآن موجودة مجتمعة اجتماع البر والشعير وسور المدينة، بل كل سورة موجودة منفردة بنفسها انفراد كل غرفة من الغرف، وخطبة من الخطب، فجعل جميعها جمع الغرف والخطب، المبني جميعها من واحدها. ومن الدلالة على أن معنى السورة المنزلة من الارتفاع، قول نابغة بني ذبيان: