يفتدي فعل، حتى نسختها الآية بعدها (1).
ثم لا يخفى أن النسخ مبني على أن يكون المراد من قوله تعالى " يطيقونه " هو يسعونه ويقوون عليه، كما في مجمع البيان، حيث قال: يقال: طاق الشئ يطوقه، وأطاق إطاقة إذا قوي عليه. وكذا قال غيره (2).
وأما إذا كان المراد منه ما قاله بعض المحققين (3) من أن معنى " يطيقون الصوم " أن الصوم على قدر طاقتهم، بأن يكونوا قادرين عليه لكن مع الشدة والحرج، فلا نسخ، لبقاء الحكم بالتخيير على من كان الصوم عليه حرجيا كالشيخ والشيخة، فيجوز لهم: إما الفدية، وإما الصوم، لكن الصوم خير لهم. " وأن تصوموا خير لكم ". ثم نقل عن تفسير المنار نقلا عن شيخه: أنه لا تقول العرب أطاق الشئ إلا إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضعف بحيث يتحمل به مشقة شديدة.
وفي تفسير الجلالين مثل لقوله تعالى " يطيقونه " بالشيخ والمريض لكنه قدر كلمة " لا ".
وكيف كان، فإن التأمل في الآيتين يعطي أن المراد من قوله تعالى " وعلى الذين... الخ " غير ما يراد من قوله تعالى قبلها " كتب عليكم الصيام - إلى قوله: - فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر ".
والحقيقة أن المستفاد هاهنا أحكام ثلاثة: وجوب أصل الصوم، وخروج المسافر والمريض عن العموم، ووجوب القضاء عليهما في أيام اخر. وهذا الأخير هو حكم الذين يكون الصوم عليهم حرجيا، وكان على قدر طاقتهم لا دونها.
والذي يسهل الأمر هو ورود أخبار كثيرة دالة على أن المراد من هؤلاء الشيخ الكبير وذو العطاش، وذلك مثل ما رواه السيد البحراني في تفسيره البرهان، بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " قال (عليه السلام): الشيخ الكبير والذي يأخذه العطاش.