بجمعه في مصحف واحد - إلى أن قال: - فكان أبو بكر أول من جمع القرآن بهذه الصفة في مصحف (1).
فلاحظ تعبيره بأن أبا بكر أمر بجمعه في مصحف واحد، المشير إلى أنه كان في صحف موجودة متعددة، خلافا لمن قال: إن القرآن جمع من صدور الصحابة بشاهدين أو بشاهد واحد، إذا كان ذلك الواحد هو ذا الشهادتين.
ومنهم الزرقاني الذي يرى أن الجمع ليس من محدثات الأمور الخارجة ولا من البدع والإضافات الفاسقة، بل هو مستمد من القواعد التي وضعها الرسول بتشريع كتابة القرآن، واتخاذ كتاب الوحي، وجمع ما كتبوه عنده حتى مات (صلى الله عليه وآله).
ثم قال: قال الإمام أبو عبد الله المحاسبي في كتاب " فهم السنن " ما نصه: كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه (صلى الله عليه وآله) كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب، فإنها أمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا، وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيها القرآن منتشرا، فجمعها جامع وربطها بخيط، حتى لا يضيع منه شئ (2).
هذا كلام عدة من المتأخرين الذاهبين إلى القول الأول.
وأما المتقدمون فمنهم: السيد المرتضى علم الهدى (رحمه الله) على ما نقله عنه الشيخ الطبرسي حيث قال (رحمه الله): إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار مما توفرت الدواعي على نقله - إلى أن قال: - إن القرآن كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن. ثم استدل بأدلة منها أن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله) عدة ختمات، وهو يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير منشود ولا مبثوث (3).