الطائفة الأولى: أحاديث الثقلين المشهورة والمعروفة لدى جميع المسلمين، وفي هذه الأحاديث قد أطلق الكتاب على ما تركه النبي (صلى الله عليه وآله) في أمته، عندما قال:
إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي... الخ (1).
والظاهر: أن الكتاب لا يطلق إلا على شئ مكتوب، ذي خصوصيات معينة، فلا يصدق على ما يحفظه الناس في صدورهم وما يقرأه النبي (صلى الله عليه وآله) لهم أنه كتاب بحيث يصح أن يقال: هذا كتاب تركه النبي (صلى الله عليه وآله) لامته، كما لا يقال لأشعار يحفظها الناس في صدورهم لشاعر معين: إن المحفوظ هو ديوان شعره، مع أنه لم يكتب منها شئ بل غاية ما يقال: إن هذه أشعار فلان، ولا يطلق عليها كلمة ديوان.
وقال بعض المحققين: إن لفظ " الكتاب " لا يطلق حتى على مكتوبات متفرقة في اللخاف (2) والعسب (3) والأكتاف إلا على نحو المجاز والعناية، فإن لفظ " الكتاب " ظاهر فيما كان له وجود واحد (4).
الطائفة الثانية: الأخبار الدالة على أن للنبي (صلى الله عليه وآله) كتاب يكتبون الوحي إذا نزل، بل كان هو (صلى الله عليه وآله) يرسل في طلبهم إذا نزل الوحي، ولم يكونوا حاضرين.
وهي مشهورة ومعروفة، وقد بسطنا الكلام فيها في مقال سابق تحت عنوان " من هم كتاب الوحي؟ " وذلك يدل على أنه (صلى الله عليه وآله) لم يهمل القرآن في حياته حتى يأتي زيد ويجمعه من صدور الرجال، وإنما اعتنى به (صلى الله عليه وآله) وكتبه كما هو المنتظر من قائد معصوم مثله.