يصل الفعل الذي لا يتعدى إليه إلا بحرف جر، نحو: قعدت على الطريق، إلا أن يجئ في ذلك اتساع، نحو ما حكاه سيبويه، من قولهم: ذهبت الشام، ودخلت البيت. وقد غلط أبو إسحاق الزجاج قي قوله (كل مرصد) ظرف، كقولك ذهبت مذهبا، وذهبت طريقا، في أن جعل الطريق ظرفا كالمذهب، وليس الطريق بظرف لأنه مكان مخصوص. وقد نص سيبويه على اختصاصه، ألا ترى أنه حمل قول ساعدة:
لدن بهز الكف يعسل متنه فيه كما عسل الطريق الثعلب (1) على أنه قد حذف منه الحرف اتساعا، كما حذف من ذهبت الشام، وإذا أثبت ذلك، فالمرصد مثله أيضا في الإختصاص، وأن لا يكون ظرفا إذا كان اسما للطريق. وقوله (أحد): فاعرابه أنه مرفوع بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره، المعنى وإن استجارك أحد.
قال الزجاج: ومن زعم أنه يرفع أحدا بالابتداء، فقد أخطأ، لأن إن الجزاء لا يتخطى ما يرفع بالابتداء ويعمل فيما بعده، فلو أظهرت المستقبل، لقلت إن أحد يقم أكرمه، ولا يجوز إن أحد يقم زيد يقم، لا يجوز أن يرفع زيد بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره، ويجزم، وإنما جاز في (إن) لأن (إن) يلزمها الفعل، وجواب الجزاء يكون بالفعل وغيره، ولا يجوز أن تضمر وتجزم بعد المبتدأ، لأنك تقول هاهنا: إن تأتني، فزيد يقوم، فالموضع موضع ابتداء. قال أبو علي: إعلم أن جواب الشرط، وإن كان بغير الفعل، فالأصل فيه الفعل، والفاء، وإذا، واقعان موقع الفعل، بدلالة أن قوله (ويذرهم) على قراءة من قرأ بالجزم، فمحمول على الموضع من قوله (فلا هادي له). وأما قول أبي إسحاق لا يجوز أن تضمر وتجزم بعد المبتدأ، ولعمري أنه لا يجوز أن يضمر الفعل فيرفع الاسم الذي يرتفع بالابتداء بالفعل المضمر في نحو قولك إن تأتني فزيد يقوم، لأن الجزم لا يقع بعد المبتدأ، ولكن لا يمتنع أن يقع الجزم بعد الفاعل في الجزاء، كما يقع في الشرط، لأن الجزاء موضع فعل، كما أن الشرط موضع فعل. فالمسألة التي منع أبو إسحاق إجازتها جائزة لا إشكال في