الحج، عن مجاهد أيضا، وسفيان، فمعناه أيام الحج كلها، كما يقال يوم الجمل، ويوم صفين ويوم بعاث (1): يراد به الحين والزمان، لأن كل حرب من هذه الحروب، دامت أياما.
(أن الله برئ من المشركين) أي: من عهد المشركين، فحذف المضاف، (ورسوله) معناه: ورسوله أيضا برئ منه. وقيل: إن البراءة الأولى لنقض العهد، والبراءة الثانية لقطع الموالاة والإحسان، فليس بتكرار. (فإن تبتم فهو خير لكم) معناه: فإن تبتم في هذه المدة أيها المشركون، ورجعتم عن الشرك إلى توحيد الله، فهو خير لكم من الإقامة على الشرك، لأنكم تنجون به من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة (وإن توليتم) عن الإيمان، وصبرتم على الكفر، (فاعلموا أنكم غير معجزي الله) أي: لا تعجزونه عن تعذيبكم، ولا تفوتون بأنفسكم من أن يحل بكم عذابه في الدنيا، وفي هذا إعلام بأن الإمهال ليس بعجز، وإنما هو لإظهار الحجة والمصلحة، ثم أوعدهم بعذاب الآخرة، فقال: (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) أي: أخبرهم مكان البشارة بعذاب موجع، وهو عذاب النار في الآخرة.
(إلا الذين عاهدتم من المشركين) قال الفراء: استثنى الله تعالى من براءته، وبراءة رسوله، من المشركين قوما من بني كنانة، وبني ضمرة، كان قد بقي من أجلهم تسعة أشهر، أمر بإتمامها لهم، لأنهم لم يظاهروا على المؤمنين، ولم ينقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال ابن عباس: عنى به كل من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عهد قبل (براءة)، وينبغي أن يكون ابن عباس أراد بذلك من كان بينه وبينه عقد هدنة، ولم يتعرض له بعداوة، ولا ظاهر عليه عدوا، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، صالح أهل هجر، وأهل البحرين، وإيلة، ودومة الجندل، وله عهود بالصلح والجزية، ولم ينبذ إليهم بنقض عهد، ولا حاربهم بعد، وكانوا أهل ذمة إلى أن مضى لسبيله صلى الله عليه وآله وسلم، ووفى لهم بذلك من بعده، (ثم لم ينقصوكم شيئا) معناه:
لم ينقصوكم من شروط العهد شيئا. وقيل: معناه لم يضروكم شيئا، (ولم يظاهروا