(واعلموا أنكم غير معجزي الله) أي: غير فائتين عن الله، كما يفوت ما يعجز عنه، لأنكم حيث كنتم في سلطان الله وملكه. (وأن الله مخزي الكافرين) أي: مذلهم ومهينهم.
واختلف في هذه الأشهر الأربعة، فقيل: كان ابتداؤها يوم النحر إلى العاشر من شهر ربيع الآخر، عن مجاهد، ومحمد بن كعب القرظي، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: إنما ابتداء أجلهم الأشهر الأربعة، من أول شوال إلى آخر المحرم، لأن هذه الآية نزلت في شوال، عن ابن عباس، والزهري. قال الفراء:
كانت المدة إلى آخر المحرم، لأنه كان فيهم من كانت مدته خمسين ليلة، وهو من لم يكن له عهد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل الله له ذلك. وقيل: إن من كان له عهد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أكثر من أربعة أشهر، حط إلى أربعة أشهر، ومن كان له عهد أقل منها، رفع إليها، عن الحسن، وابن إسحاق، قيل: كان ابتداء الأشهر الأربعة يوم النحر، لعشرين من ذي القعد إلى عشرين من شهر ربيع الأول، لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك الوقت، ثم صار في السنة الثانية في ذي الحجة، وفيها حجة الوداع، وكان سبب ذلك النسئ الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، على ما سيأتي بيانه، إن شاء الله تعالى، عن الجبائي.
القصة: أجمع المفسرون، ونقلة الأخبار، أنه لما نزلت (براءة)، دفعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلى أبي بكر، ثم أخذها منه، ودفعها إلى علي بن أبي طالب عليه السلام.
واختلفوا في تفصيل ذلك، فقيل: إنه بعثه، وأمره أن يقرأ عشر آيات من أول هذه السورة، وأن ينبذ إلى كل ذي عهد عهده، ثم بعث عليا خلفه ليأخذها ويقرأها على الناس. فخرج على ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، العضباء، حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة، فأخذها منه.
وقيل إن أبا بكر رجع فقال: هل نزل في شئ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا إلا خيرا، ولكن لا يؤدي عني إلا أنا، أو رجل مني. وقيل: إنه قرأ علي (براءة) على الناس، وكان أبو بكر أميرا على الموسم، عن الحسن وقتادة، وقيل: إنه صلى الله عليه وآله وسلم، أخذها من أبي بكر قبل الخروج، ودفعها إلي علي عليه السلام، وقال: لا يبلغ عني، إلا أنا، أو رجل مني، عن عروة بن الزبير، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة.
وروى أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولاه أيضا الموسم، وأنه حين أخذ (البراءة)