يقال: ان الخوارج يقولون بتعذيب أطفال المشركين، وإنما يقوله الأزارقة منهم خاصة (1).
ويدل على أن هذا مذهب اليهود أنهم لم ينكروا ذلك لما سمعوا هذه الآية، مع شدة حرصهم على تكذيب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. (وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم) معناه: إنهم اخترعوا ذلك القول بأفواههم، لم يأتهم به كتاب، ولا رسول، وليس عليه حجة، ولا برهان، ولا له صحة. وقيل: إنه لم يذكر القول مقرونا بالأفواه، إلا إذا كان ذلك القول زورا كقوله: (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم) (يضاهئون): يشابهون عن ابن عباس. وقيل: يوافقون، عن الحسن (قول الذين كفروا) يعني عباد الأوثان في عبادتهم اللات، والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، عن ابن عباس، ومجاهد، والفراء. وقيل: في عبادتهم الملائكة، وقولهم إنهم بنات الله (من قبل) أي: ضاهت النصارى قول اليهود من قبل، فقالت النصارى: المسيح ابن الله، كما قالت اليهود: عزير ابن الله، عن قتادة، والسدي. وقيل: شبه كفرهم بكفر الذين مضوا من الأمم الكافرة، عن الحسن (قاتلهم الله) أي: لعنهم الله، عن ابن عباس. قال ابن الأنباري: المقاتلة أصلها من القتل، فإذا أخبر عن الله بها، كانت بمعنى اللعنة، لأن من لعنه الله، فهو بمنزلة المقتول الهالك (أنى يؤفكون) اي: كيف يصرفون عن الحق إلى الإفك الذي هو الكذب، فكأنه قال: لأي داع مالوا إلى ذلك القول.
(اتخذوا أحبارهم) أي: علماءهم (ورهبانهم) أي: عبادهم (أربابا من دون الله). روي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام، انهما قالا: أما والله! ما صاموا ولا صلوا، ولكنهم أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم وعبدوهم من حيث لا يشعرون.
وروى الثعلبي بإسناده عن عدي بن حاتم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي: يا عدي إطرح هذا الوثن من عنقك! قال:
فطرحته، ثم انتهيت إليه وهو يقرأ من سورة البراءة هذه الآية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا) حتى فرغ منها، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم! فقال: أليس يحرمون