يقل وشهد شاهد أنه إن كان، لأنه ذهب مذهب القول في الحكاية، كما أن قوله (يوصيكم الله في أولادكم) كذلك. والتقدير يوصيكم الله أن المال (للذكر مثل حظ الأنثيين) وقوله (إن كان قميصه) قال أبو العباس المبرد، معناه ان يكن، وجاز ذلك في كان، لأنها أم الباب، كما جاز في التعجب: ما كان أحسن زيدا، ولم يجز ما أصبح أحسنه. وقال أبو بكر السراج: ان يكن بمعنى أن يصبح قد قميصه من دبر.
وقوله: (فلما رأى) الرؤية ههنا تحتمل أمرين أحدهما: أن تكون بمعنى رؤية العين، فلا تكون رؤية العين رؤية للقد، ويكون قوله (قد من دبر) في موضع الحال، وإنما يكون رؤية للقميص والآخر: أن يكون بمعنى العلم، وتكون رؤية للقد. وإنما قال (من الخاطئين)، ولم يقل من الخاطئات، لتغليب المذكر على المؤنث.
المعنى: (واستبقا الباب) يعني تبادرا الباب أي: طلب كل واحد من يوسف وامرأة العزيز السبق إلى الباب. أما يوسف فإنه كان يقصد أن يهرب منها، ومن ركوب الفاحشة. وأما هي: فإنما كانت تطلب يوسف لتقضي حاجتها منه، وتقصد أن تغلق الباب، وتمنعه من الخروج وتراوده ثانيا عن نفسه (وقدت قميصه من دبر) أي:
لحقت يوسف، فجذبت قميصه، وشقته طولا من خلفه، لأن يوسف كان هاربا، وهي تعدو من خلفه. وقيل: أن يوسف رأى الأبواب قد انفتحت، فعلم أن الصواب هو الخروج، فخرج هاربا. وقيل: بل أخذ بفتح الأبواب، وأدركته، فتعلقت بقميصه من خلفه، فشقته.
(وألفيا سيدها لدى الباب) أي: فلما خرجا وجدا زوجها عند الباب، وسماه سيدها، لأنه مالك أمرها (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب اليم) يعني ان المرأة سبقت بالكلام لتورك الذنب على يوسف، فقالت لزوجها:
ليس جزاء من أراد بأهلك خيانة إلا أن يسجن، أو أن يضرب بالسياط، ضربا وجيعا، عن ابن عباس. قالوا: ولو صدق حبها، لم تقل ذلك، ولآثرته على نفسها، ولكن حبها إياه كان شهوة (قال هي راودتني عن نفسي) لما ذكرت المرأة ذلك، لم يجد يوسف بدا من تنزيه نفسه بالصدق، ولو كفت عن الكذب عليه، لكف عليه السلام، عن الصدق عليها، فقال: هي التي طالبتني بالسوء الذي نسبتني إليه.
(وشهد شاهد من أهلها) قال ابن عباس، وسعيد بن جبير: إنه صبي في