(يثنئن) بالهمزة: أصله يثنان، فحركت الألف لسكونها، وسكون النون الأولى، فانقلبت همزه. وأما (يثنون): فأصله (يثنونن) فلزم الإدغام لتكرير العين إذا كان غير ملحق، فأسكنت النون الأولى، ونقلت كسرتها إلى الواو، وأدغمت النون في النون، فصار (يثنون).
اللغة: أصل الثني العطف، تقول: ثنيته عن كذا أي: عطفته. ومنه الاثنان:
لعطف أحدهما على الآخر في المعنى، ومنه الثناء: لعطف المناقب في المدح، ومنه الاستثناء: لأنه عطف عليه بالإخراج منه. والاستخفاء: طلب خفاء الشئ، يقال: استخفى بمعنى، وكذلك استغشى وتغشى، قالت الخنساء:
أرعى النجوم، وما كلفت رعيتها وتارة أتغشى فضل أطماري (1) الاعراب: (الا): معناها التنبيه، ولاحظ لها في الإعراب، وما بعدها مبتدأ.
النزول: قيل: نزلت في الأخنس بن شريق، وكان حلو الكلام، يلقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما يحب، وينطوي بقلبه على ما يكره، عن ابن عباس. وروى العياشي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام، قال: أخبرني جابر بن عبد الله أن المشركين إذا مروا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طأطأ أحدهم رأسه، وظهره هكذا، وغطى رأسه بثوبه، حتى لا يراه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنزل الله هذه الآية.
المعنى: لما تقدم ذكر القرآن، بين سبحانه فعلهم عند سماعه، فقال: (ألا إنهم) يعني الكفار والمنافقين (يثنون صدورهم) أي: يطوونها على ما هم عليه من الكفر، عن الحسن. وقيل: معناه يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كلام الله سبحانه، وذكره، عن قتادة. وقيل: يثنونها على عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن الفراء، والزجاج.
وقيل: إنهم إذا عقدوا مجلسا على معاداة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والسعي في أمره بالفساد، انضم بعضهم إلى بعض، وثنى بعضهم صدره إلى صدر بعض، يتناجون (ليستخفوا منه) أي: ليخفوا ذلك من الله تعالى على القول الأخير، فإنهم كانوا قد بلغ من شدة جهلهم بالله، أن ظنوا انهم إذا ثنوا صدورهم على سبيل الإخفاء، لم يعلم الله تعالى