الحجة: من قرأ بالنون فإنه ابتداء بالإخبار عن الله. ومن قرأ بالياء فلأنه تقدم ذكر الله تعالى، فكنى عنه.
اللغة: المشيئة، والإرادة، والإيثار، والاختيار، نظائر. وإنما يختلف عليها الاسم بحسب مواقعها على ما بين في موضعه. قال علي بن عيسى: النفس: خاصة الشئ التي لو بطل ما سواها لم يبطل ذلك الشئ، ونفسه وذاته واحد، إلا أنه قد يؤكد بالنفس، ولا يؤكد بالذات. والنفس مأخوذة من النفاسة.
الاعراب: (كلهم): تأكيد ل (من) و (جميعا): نصب على الحال.
المعنى: لما تقدم ان إيمان الملجأ غير نافع، بين سبحانه أن ذلك لو كان ينفع، لأكره أهل الأرض عليه، فقال: (ولو شاء ربك) يا محمد (لآمن من في الأرض) أي: لآمن أهل الأرض (كلهم جميعا) ومعناه: الإخبار عن قدرة الله تعالى، وأنه يقدر علي أن يكره الخلق على الإيمان، كما قال: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) ولذلك قال بعد ذلك: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ومعناه: أن لا ينبغي أن تريد إكراههم على الإيمان، مع أنك لا تقدر عليه، لأن الله تعالى يقدر عليه ولا يريده، لأنه ينافي التكليف. وأراد بذلك تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتخفيف ما يلحقه من التحسر والحرص على إيمانهم عنه.
وفي هذا أيضا دلالة علي بطلان قول المجبرة، أنه تعالى لم يزل كان شائيا، ولأنه لا يوصف بالقدرة على أن يشاء، لأنه تعالى أخبر أنه لو شاء لقدر، لكنه لم يشأ، فلذلك لم يوجد. ولو كانت مشيئة أزلية لم يصح تعليقها بالشرط، فصح أن مشيئته فعلية. ألا ترى أنه لا يصح أن يقال: لو علم سبحانه، ولو قدر، كما صح أن يقال: لو شاء، ولو أراد.
(وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) معناه: إنه لا يمكن أحد أن يؤمن إلا بإطلاق الله تعالى له في الإيمان، وتمكينه منه، ودعائه إليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك. وقيل: إن اذنه هاهنا أمره، كما قال: (يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم) عن الحسن والجبائي. وحقيقة الاذن:
إطلاقه في الفعل بالأمر. وقد يكون الإذن بالاطلاق في الفعل برفع التبعة. وقيل: إن