فنفعها إيمانها الا قوم يونس) قيل: إن معناه فهلا كان أهل قرية آمنوا في وقت ينفعهم إيمانهم. أعلم الله سبحانه أن الإيمان لا ينفع عند وقوع العذاب، ولا عند حضور الموت الذي لا يشك فيه، ولكن قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم العذاب، عن الزجاج، قال: وقوم يونس لم يقع بهم العذاب، إنما رأوا الآية التي تدل على العذاب، فمثلهم مثل العليل الذي يتوب في مرضه، وهو يرجو العافية، ويخاف الموت.
وقيل: إن معناه لم يكن فيما خلا أن يؤمن أهل قرية بأجمعهم، حتى لا يشذ منهم أحد إلا قوم يونس، فهلا كانت القرى كلها هكذا، عن الحسن. وقيل: معناه فما كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها، يريد بذلك لم يكن هذا معروفا لأمة من الأمم كفرت، ثم آمنت عند نزول العذاب، وكشف عنهم أي: لم أفعل هذا بأمة قط الا قوم يونس (لما آمنوا) عند نزول العذاب كشف عنهم العذاب بعد ما تدلى عليهم وهو قوله: (كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا)، عن قتادة، وابن عباس، وفي رواية عطاء. وقيل: إنه أراد بقوله فلولا كانت قرية آمنت قوم ثمود، فإنه قد جاءهم العذاب يوما فيوما، كما جاء قوم يونس، إلا أن قوم يونس استدركوا ذلك بالتوبة، وأولئك لم يستدركوا، فوصف أهل القرية بأنهم سوى قوم يونس، ليعرفهم به بعض التعريف، إذا كان أخبر عنهم على سبيل الإخبار عن النكرة، عن الجبائي، وهذا الذي ذكره، إنما كان يصح لو كان (الا قوم يونس) مرفوعا، فكان يكون صفة لقرية، أو بدلا منه على معنى هلا كان قوم قرية آمنوا الا قوم يونس، ولم يقرأ أحد من القراء بالرفع (ومتعناهم إلى حين) وهو وقت انقضاء آجالهم.
القصة: وكان من قصة يونس على ما ذكره سعيد بن جبير، والسدي، ووهب، وغيرهم: إن قوم يونس كانوا بنينوى من أرض الموصل، وكان يدعوهم إلى الاسلام فأبوا، فأخبرهم أن العذاب مصبحهم إلى ثلاث إن لم يتوبوا، فقالوا: إنا لم نجرب عليه كذبا، فانظروا فإن بات فيكم تلك الليلة، فليس بشئ، وإن لم يبت فاعلموا أن العذاب مصبحكم.
فلما كان في جوف الليل خرج يونس من بين أظهرهم، فلما أصبحوا يغشاهم العذاب قال وهب: أغامت السماء غيما أسود هائلا، يدخن دخانا شديدا، فهبط حتى غشي مدينتهم، واسودت سطوحهم. وقال ابن عباس: كان العذاب فوق