والحسن، وقتادة، والقراءة المشهورة: (والأنصار) بالجر. وقرأ ابن كثير وحده (من تحتها) بزيادة (من) وكذلك هو في مصاحف مكة. وقرأ الباقون (تحتها) بغير (من)، وعليه سائر المصاحف، والمعنى واحد.
الحجة: من قرأ بالرفع، عطفه على قوله (السابقون). ومن قرأ بالجر، عطفه على (المهاجرين). وأما قوله: (والذين اتبعوهم بإحسان) فيجوز أن يكون معطوفا على (الأنصار) في رفعه وجره، ويجوز أن يكون معطوفا على (السابقون) وأن يكون معطوفا على (الأنصار) أولى لقربه منه.
الاعراب: السابقون: مبتدأ، والأولون: صفته من المهاجرين تبيين لهم، والذين اتبعوهم: إن حملته على (السابقون) كان مرفوعا، وان حملته على (الأنصار) كان مجرورا. وخبر الأسماء كلها (رضي الله عنهم ورضوا عنه) واعد لهم: عطف على (رضي) فالوقف على قوله (خالدين فيها ابدا).
النزول: قيل: نزلت هذه الآية فيمن صلى إلى القبلتين، عن سعيد بن المسيب، والحسن، وابن سيرين، وقتادة. وقيل: نزلت فيمن بايع بيعة الرضوان، وهي بيعة الحديبية، عن الشعبي، قال: ومن أسلم بعد ذلك وهاجر، فليس من المهاجرين الأولين. وقيل: هم أهل بدر، عن عطاء بن رياح. وقيل: هم الذين أسلموا قبل الهجرة، عن الجبائي.
المعنى: لما تقدم ذكر المنافقين والكفار، عقبه سبحانه بذكر السابقين إلى الإيمان، فقال: (والسابقون الأولون) أي: السابقون إلى الإيمان، وإلى الطاعات. وإنما مدحهم بالسبق لأن السابق إلى الشئ يتبعه غيره، فيكون متبوعا، وغيره تابع له، فهو إمام فيه، وداع له إلى الخير بسبقه إليه، وكذلك من سبق إلى الشر يكون أسوأ حالا لهذه لعلة (من المهاجرين) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وإلى الحبشة (والأنصار) أي: ومن الأنصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الاسلام. ومن قرأ (والأنصار) بالرفع، لم يجعلهم من السابقين، وجعل السبق للمهاجرين خاصة (والذين اتبعوهم بإحسان) أي: بأفعال الخير، والدخول في الاسلام بعدهم، وسلوك منهاجهم، ويدخل في ذلك من يجئ بعدهم إلى يوم القيامة.