وهو الحمل على النفس بما يشق. وقيل: بينهما فرق والجهد بالفتح في العمل، وبالضم في القوت، عن الشعبي. وقيل الجهد بالفتح: المشقة، وبالضم الطاعة، عن القتيبي.
الاعراب: يجوز أن يكون موضع (الذين يلمزون) جرا بأن يكون بدلا من الهاء والميم في قوله: (ومنهم من عاهد الله) ويحتمل أن يكون رفعا على الابتداء، وخبره (سخر الله منهم)، وهذا أولى، وقوله: (في الصدقات) من صلة (يلمزون)، ولا يكون من صلة (المطوعين) لأنه فضل بينهما. قوله: (من المؤمنين) (والذين لا يجدون) عطف على (الذين يلمزون).
المعنى: ثم وصفهم الله بصفة أخرى، فقال: (الذين يلمزون) أي: يعيبون (المطوعين) المتطوعين بالصدقة (من المؤمنين)، ويطعنون عليهم (في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم) أي: ويعيبون الذين لا يجدون إلا طاقتهم، فيتصدقون بالقليل. قيل: اتاه عبد الرحمن بن عوف بصرة من دراهم تملأ الكف، وأتاه عقبة بن زيد الحارثي بصاع من تمر، وقال: يا رسول الله! عملت في النخل بصاعين، فصاعا تركته لأهلي، وصاعا أقرضته ربي. وجاء زيد بن أسلم بصدقة، فقال معتب بن قشير، وعبد الله بن نبتل: إن عبد الرحمن رجل يحب الريا ويبتغي الذكر بذلك، وان الله غني عن الصاع من التمر، فعابوا المكثر بالريا، والمقل بالإقلال.
(فيسخرون منهم) أي: فيستهزؤون منهم (سخر الله منهم) أي: جازاهم جزاء سخريتهم حيث صاروا إلى النار (ولهم عذاب أليم) أي: موجع مؤلم. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل فقيل: يا رسول الله! أي الصدقة أفضل؟ قال جهد المقل (1) (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) صيغته صيغة الأمر، والمراد به المبالغة في الأياس من المغفرة، بأنه لو طلبها طلب المأمور بها، أو تركها ترك المنهي عنها، لكان ذلك سواء في أن الله تعالى لا يفعلها، كما قال سبحانه في موضع آخر: (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم).
(ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) الوجه في تعليق الاستغفار