الحجة: من قرأ بالتخفيف: أراد الذين يأتون بالعذر. ومن قرأ بالتشديد:
احتمل أمرين أحدهما: أن يكون المراد المتعذرون كان لهم عذر، أو لم يكن، وإنما أدغم التاء في الذال لقرب مخرجهما والثاني: إنه أراد المقصرون من التعذير، فالمعذر: المقصر الذي يريك أنه معذور ولا عذر له. والمعذر: المبالغ الذي له عذر. والمعتذر: يقال لمن عذر، ولمن لا عذر له، قال لبيد: (ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر) أي: أتى بعذر.
المعنى: لما تقدم حديث المخلفين، صنف الله تعالى الأعراب منهم صنفين، فقال سبحانه: (وجاء المعذرون من الأعراب) أي: المقصرون الذي يعتذرون، وليس لهم عذر، عن أكثر المفسرين. وقيل: هم المعتذرون الذين لهم عذر، وهم نفر من بني غفار، عن ابن عباس قال: ويدل عليه قوله (وقعد الذين كذبوا الله ورسوله) فعطف الكاذبين عليهم، فدل ذلك على أن الأولين في اعتذارهم صادقون.
وقيل: معناه الذين يتصورون بصورة أهل العذر، وليسوا كذلك (ليؤذن لهم) في التخلف، عن الجبائي (وقعد الذين كذبوا الله ورسوله) أي: وقعدت طائفة من المنافقين من غير أن اعتذروا، وهم الذين كذبوا فيما كانوا يظهرونه من الإيمان (سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم) قال أبو عمرو بن العلافي هذه: الآية: كلا الفريقين كان مسيئا، جاء قوم فعذروا، وجنح آخرون فقعدوا، يريد أن قوما تكلفوا عذرا بالباطل، وتخلف آخرون من غير تكلف عذر، وإظهار علة، جرأة على الله، ورسوله.
(ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم (91) ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون (92) * إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون (93)).