يخفى.
وإذ الأمر كذلك، فالحديث مخالف للأحاديث المبيحة لصيام يوم السبت، كحديث ابن عمرو الذي قبله، ونحوه مما ذكره ابن القيم تحت هذا الحديث في بحث له قيم، أفاض فيه في ذكر أقوال العلماء فيه، وانتهى فيه إلى حمل النهي على إفراد يوم السبت بالصوم، جمعا بينه وبين تلك الأحاديث، وهو الذي ملت إليه في " الإرواء ".
والذي أراه - والله أعلم - أن هذا الجمع جيد لولا أمران اثنان:
الأول: مخالفته الصريحة للحديث، على ما سبق نقله عن ابن القيم.
والآخر: أن هناك مجالا آخر للتوفيق والجمع بينه وبين تلك الأحاديث، إذا ما أردنا أن نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول، ومنها:
أولا: قولهم: إذا تعارض حاظر ومبيح، قدم الحاضر على المبيح.
ثانيا: إذا تعارض القول مع الفعل، قدم القول على الفعل.
ومن تأمل في تلك الأحاديث المخالفة لهذا، وجدها على نوعين:
الأول: من فعله لكستن وصيامه.
الآخر: من قوله (ص)، كحديث ابن عمرو المتقدم.
ومن الظاهر البين أن كلا منهما مبيح، وحينئذ، فالجمع بينها وبين الحديث يقتضي تقديم الحديث على هذا النوع لأنه حاظر، وهي مبيحة. وكذلك قوله (ص) لجريرية: " أتريدين أن تصومي غدا "، وما في معناه مبيح أيضا، فيقدم الحديث عليه.