" هذا هو المشاهد، ويتفق مع الواقع ".
قلت: وهذا كلام عجيب غريب، لأنه ان صح أنه مشاهد موافق للواقع، فليس فيه أنه موافق للشرع أولا، ولأن الجهات - كالمطالع - أمور نسبية ليس لها حدود مادية يمكن للناس أن يتبينوها ويقفوا عندها، ثانيا.
وأنا - والله - لا أدري ما الذي حمل المؤلف على اختيار هذا الرأي الشاذ، وأن يعرض عن الأخذ بعموم الحديث الصحيح، وبخاصة أنه مذهب الجمهور، كما ذكره هو نفسه، وقد اختاره كثير من العلماء المحققين، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) (المجلد 25)، والشوكاني في " نيل الأوطار "، وصديق حسن خان في " الروضة الندية " (1 / 224 - 225)، وغيره، فهو الحق الذي لا يصح سواه، ولا يعارضه حديث ابن عباس لأمور ذكرها الشوكاني رحمه الله، ولعل الأقوى أن يقال: إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين، أو يروا هلالهم. وبذلك يزول الإشكال، ويبقى حديث أبي هريرة وغيره على عمومه، يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا، كما قال ابن تيمية في " الفتاوى " (25 / 157)، وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما ه معلوم، ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول الإسلامية حق تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى.
وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك، فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم على نفسه، فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها، تقدمت في صيامها أو تأخرت، لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد، كما وقع في بعض الدول العربية، منذ بضع سنين. والله