قال: فإن كان الطفل في كفاية لم يكن له - يعني للولي - ذلك، لأنه يفوت عنه التشفي، وعندنا له ذلك، لأن له القصاص على ما قلناه إذا بلغ، فلا يبطل التشفي.
وإن كان فقيرا لا مال له، قال قوم: له العفو على مال، لأن المال خير من التشفي، وقال آخرون: ليس له العفو على مال، لأنه إذا لم يكن له مال كانت نفقته في بيت المال، قالوا: والأول أصح، وعندنا له ذلك لما بيناه (1) انتهى.
ولو كان الأصلح أخذ الدية وبذلها الجاني، ففي منع الولي من القصاص إن قلنا بأن له استيفاءه إشكال، كما في التحرير (2).
(ولو قطع عضوا فقال: أوصيت للجاني بموجب هذه الجناية وما يحدث منها فاندملت فله المطالبة) بالقصاص والأرش، لأن غايته نقض الوصية وهو جائز، على أن المطالبة بالأرش لا يستلزم النقض، لجواز أخذه في حياته ويكون للجاني بعد موته (وإن مات) من السراية أو من غيرها صحت الوصية. وقد مر من العامة (3) قول بأنه لا وصية لقاتل عمدا، وهو قول أبي علي (4).
وقد مر استشكاله فيه في الوصية. و (سقط القصاص والدية) دية النفس أو الطرف (من الثلث) فإن لم يف بالجميع قسط ما يفي به وكان للورثة المطالبة بالباقي من الدية وبالقصاص مع رد الثلث، فإن الجاني صار كأحد الورثة الذين يقسط عليهم حق القصاص أو الدية، وقد مر أن أحدهم إذا عفا كان للباقي القصاص.
المطلب (الثاني في حكمه) (إذا عفا عن القصاص إلى الدية، فإن بذلها الجاني صح العفو. وهل يلزمه) البذل؟ (الأقرب ذلك): من أنه لا يطل دم المسلم وقد عفا عن القصاص فيجب بذل الدية، ووجوب حفظ النفس وحرمة إلقائها إلى التهلكة. ومن أن الواجب أصالة بالعمد هو القصاص والدية إنما يجب بالتراضي، ومنع وجوب حفظ النفس هنا.