القصاص فإذا عفا عنه فقد عفا عن كل ما وجب له. وللعامة (1) قول بثبوت الدية مع إطلاق العفو (ولو بذل الجاني القود لم يكن للولي سواه) فإن شاء استوفاه وإن شاء عفا مجانا وليس له أن يعفو على مال، خلافا للشافعي (2) وأضرابه. (فإن طلب الدية) أو أقل أو أكثر (ورضي الجاني صح، وإن امتنع لم يجبر) على البذل، بل إما أن يقتص منه أو يعفى عنه مجانا، وكما لا يجبر الجاني على بذل المال لا يجبر الولي على قبوله حتى (لو بذل الجاني الدية وأضعافها ورضي الولي صح، وإلا) يرض (فله القصاص) ولا بأس بحكاية عبارة المبسوط لاشتمالها على تفصيل أقوال العامة هنا.
قال: إذا قتل عمدا محضا ما الذي يجب عليه؟ قال قوم: القتل أوجب أحد شيئين:
القود، أو الدية، فكل واحد منهما أصل في نفسه، فإن اختار أحدهما ثبت وسقط الآخر، وإن عفا على أحدهما سقط الآخر، فعلى هذا موجب القتل القود أو الدية.
وقال آخرون: القتل أوجب القود فقط، والولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو، فإن قتل فلا كلام، وإن عفا على مال سقط القود، ويثبت الدية، بدلا عن القود، فيكون الدية على هذا بدلا عن بدل، وعلى المذهبين معا يثبت الدية بالعفو، سواء رضي الجاني ذلك أو لم يرض، وفيه خلاف.
والذي نص أصحابنا عليه واقتضته أخبارهم أن القتل يوجب القود والولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو فإن قتل فلا كلام، وإن عفا لم يثبت الدية إلا برضا الجاني، فإن بذل القود ولم يقبل الدية لم يكن للولي عليه غيره، فإن طلب الولي الدية وبذلها الجاني، كانت الدية مقدرة على ما نذكره في الديات، فإن لم يرض بها الولي جاز أن يفادي نفسه بالزيادة عليها على ما تراضيا عليه.
وإذا قلنا: إن القتل يوجب القود فقط، فإن عفا عن الدية لم يسقط، لأنه عفا