فشهدا له قبل أن يستشهدهما، فقد فعلا خيرا واكتسبا ثوابا وفضلا، لأنهما عرفاه ما لم يعرفه من حقه، وعلى هذا قوله (صلى الله عليه وآله): خير الشهود من شهد قبل أن يستشهد، فكذلك هاهنا ما كان الولي يعلم أن له بحقه هؤلاء الشهود، فشهدوا له به فلهذا سمعها الحاكم وسأل الولي. ومنهم من قال: شهد الآخران قبل أن يستشهدا، وقد عرف الولي الحق بذلك وعلمه وكان بالغا عاقلا والحاكم قد سمع ذلك، فيقال:
يسأل الولي عنهما، لأن القتل يحتاط له بحفظ الدماء، فإذا قال الآخران: القاتلان هما الأولان وأوردا شبهة فلهذا سمع. فإذا ثبت هذا فالمسألة صحيحة من هذه الوجوه (1) انتهى.
(وإن شهدا على أجنبي) أي غير الشاهدين الأولين (بالقتل على وجه لا يتحقق معه التبرع) أن لا يسمع شهادة الحسبة لكونه من حقوق الناس، وذلك بأحد الوجوه التي أشرنا إليها (أو أن يتحقق) التبرع (ولا يقتضي) ذلك (إسقاط الشهادة لم يقبل) أيضا للتهمة (لأنهما دافعان) عن أنفسهما ضرر القصاص أو الدية، وهو متجه إذا لم يتوجه الدية على العاقلة.
(ولو أنكر المدعي عليه ما شهد به العدلان لم يلتفت إلى إنكاره، وإن صدقهما و) لكن (ادعى استناد الموت إلى سبب غير الجناية قبل قوله مع اليمين) للأصل (إلا أن يتضمن) ذلك (تكذيب الشهادة) بأن نص الشاهدان على استناده إليهما.
(وإذا شهد أجنبيان على شاهدي القتل به، فإن تبرعا بطلت الشهادة الثانية) إلا على القول بسماع المتبرع بها هنا. (وإن لم يتبرعا سقطت شهادة الأولين) لظهور فسقهما بجرح الأخيرين لهما بالكذب وبالقتل إن كان عمدا مع براءة الأخيرين من التهمة رأسا بخلاف الأولين. وفي التحرير: كان للولي الأخذ