العقل إليهم (وعدمه لإمكانه) كالغني، وقد يفرق بين الفقراء والأباعد بأن القريب الفقير من العاقلة ذاتا وإنما خرج بصفة هي الفقر، ولا عبرة بالفقر واليسار إلا عند حؤول الحول بخلاف البعيد فإنه ليس من العاقلة ذاتا.
(ولو شهد اثنان على رجلين بالقتل، فشهد المشهود عليهما على الشاهدين به لم يقبل قولهما) للتهمة بدفع الضرر، والتبرع، والعداوة، وتكذيب الولي، لأن الأولين شهدا بعد تحرير الدعوى (فإن صدقهما المدعي) بعد أن ادعى عليهما وكان مصدقا للأولين، أو كانت الشهادتان حسبة، أو كان وكل في الدعوى وكيلين فادعى أحدهما على الأولين والآخر على الآخرين (أو صدق الجميع بطلت الشهادة) من الأولين والثانيين جميعا، أما من الثانيين فلما عرفت، وأما من الأولين فلأن تصديق الآخرين تكذيب لهما. (وإن صدق الأولين) خاصة (حكم بشهادتهما) ولم يلتفت إلى شهادة الباقيين، وهو ظاهر. قال في المبسوط: قالوا هذه المسألة محالة لا يتصور على قول من لا يسمع الدعوى إلا محررة، ولا يسمع الشهادة ممن شهد بها قبل أن يستشهد، والآخران قد شهدا قبل أن يستشهدا، فكيف يسمعها الحاكم، ويرجع إلى المدعي فيسأله عن حال الكل؟ قال قوم: إنا لا نسمع الشهادة من الشاهد قبل أن يستشهد، إذا كان المشهود له بالغا عاقلا رشيدا فأما إن كان ممن لا يعبر عن نفسه لصغر أو جنون أو لميت، فإنها يقبل لأنه لو حضر الشاهدان ابتداء فشهدا عند الحاكم بحق لصبي سمعها وعمل بها، وحكم للصبي بالحق، فإذا كان كذلك فالشهادة هاهنا لمن لا يعبر عن نفسه وهو الميت، والدليل على أن الحق له أنه إذا ثبت قضى منه ديونه وينفذ وصاياه فلهذا قبلت، وعلى هذا كل من شهد لميت بحق سمعت شهادته قبل أن يستشهد. ومنهم من قال: الشهادة بالحق على ضربين، أحدهما: رجل له حق له به شاهدان يعرفهما فشهدا له به قبل أن يستشهدهما، فهذه مردودة. والثاني: رجل له شاهدان بحق ولا يعرف الحق فشهدا له به أو عرف الحق ولم يعرف أن له به شهودا