كان يستعيذ وإذا كان له سكوت لم يمكن أنسا ان ينفي قراءتها في ذلك السكوت فيكون نفيه للذكر والاستفتاح والسماع مرادا به الجهر بذلك يدل عليه قوله:
فكانوا لا يجهرون وقوله فلم اسمع أحدا منهم يجهر ولا تعرض فيه للقراءة سرا ولا على نفيها إذ لا علم لانس بها حتى يثبتها أو ينفيها وكذلك قال: لمن سأله انك لتسألني عن شئ ما أحفظه فان العلم بالقراءة السرية انما يحصل بأخبار أو سماع عن قرب وليس في الحديث شئ منهما ورواية من روى فكانوا يسرون كأنها مروية بالمعنى من لفظ لا يجهرون والله أعلم وأيضا فحمل الافتتاح بالحمد لله رب العالمين على السورة لا الآية مما تستبعده القريحة وتمجه الأفهام الصحيحة لأن هذا من العلم الظاهر الذي يعرفه العام والخاص كما يعلمون ان الفجر ركعتان وان الظهر أربع وان الركوع قبل السجود والتشهد بعد الجلوس إلى غير ذلك فليس في نقل مثل هذا فائدة فكيف يجوز ان يظن أن أنسا قصد تعريفهم بهذا وأنهم سألوه عنه وانما مثل هذا مثل من يقول فكانوا يركعون قبل السجود أو فكانوا يجهرون في العشاءين والفجر ويخافتون في صلاة الظهر والعصر والله أعلم وأيضا فلو أريد الافتتاح بسورة الحمد لقيل كانوا يفتتحون القراءة بأم القرآن أو بفاتحة الكتاب أو بسورة الحمد هذا هو المعروف في تسميتها عندهم وأما تسميتها بالحمد لله رب العالمين فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين ولا عن أحد يحتج بقوله واما تسميتها بالحمد فقط فعرف متأخر يقولون فلان قرأ الحمد وأين هذا من قوله:
فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين فان هذا لا يجوز ان يراد به السورة الا بدليل صحيح واني للمخالف ذلك فان قيل فقد روى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس الاستفتاح بأم القرآن وهذا يدل على إرادة السورة قلنا هذا مروي بالمعنى والصحيح عن الأوزاعي ما رواه مسلم عن الوليد بن مسلم عنه عن قتادة عن أنس قال: صليت خلف أبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها ثم أخرجه مسلم عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة انه سمع أنس بن مالك يذكر ذلك هكذا رواه مسلم في صحيحه عاطفا له على حديث قتادة وهذا اللفظ المخرج في الصحيح هو الثابت عن الأوزاعي واللفظ الآخر ان كان محفوظا فهو مروى