الثالث المسك طاهر اجماعا كما قاله المصنف في التذكرة ويؤيده الأصل وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يتطيب به وكان أحب الطيب إليه والكلب والخنزير لا خلاف في نجاستهما بين الطائفة وقد تكرر نقل؟ اجماعهم عليه في كلامهم وتدل عليه الأخبار المستفيضة كصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام قال سألته عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال يغسل المكان الذي اصابه وصحيحة الفضل بن أبي العباس قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وان مسه جافا صبب عليه الماء وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال يغسل المكان الذي اصابه وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فتذكر وهو في صلاته كيف يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله قال وسألته عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات وقوله فلينضح أراد به ما إذا كانت الإصابة بغير رطوبة وبقرينة قوله الا ان يكون فيه اثر ويؤيده مرسلة حريز عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا مس ثوبك كلب فإن كان يابسا فانضحه وإن كان رطبا فاغسله ورواية القسم عن علي عنه عليه السلام قال سألته عن الكلب يصيب الثوب قال انضحه وإن كان رطبا فاغسله وقد مر في مسألة انفعال القليل بملاقاة النجاسة صحيحة أبى العباس الفضل وصحيحة محمد وغيرها مما يدل على نجاسة الكلب وقد ورد بخلاف ما ذكرنا روايات لكنها لا تصلح لمعارضة الأخبار المذكورة خصوصا بعد اعتضادها بعمل الأصحاب يجب تأويل تلك الروايات جمعا بين الاخبار * فروع * الأول قال في الذكرى المتولد بين الكلب والخنزير نجس في الأقوى لنجاسة أصلية ومثله قال الشهيد الثاني بل صرح بعدم الفرق بين موافقته لأحدهما في الاسم ومباينته لهما واستشكل المصنف الحكم في صورة المباينة والاشكال في موقعه لان حكم النجاسة معلق على الاسم فإذا فرض انتفاء صدق الاسم كان اثبات النجاسة محتاجا إلى دليل ومجرد التولد من النجس غير كاف في الحكم بالنجاسة الثاني ما يتولد بين أحدهما وبين حيوان فالظاهر أنه يتبع الاسم كما قاله كثير من الأصحاب لم ينقلوا فيه خلافا ويلوح من النهاية والمنتهى نوع خلاف فيه حيث استقرب الحكم المذكور الثالث أكثر الأصحاب على طهارة كلب الماء حملا للفظ على المتبادر منه وعن ابن إدريس المخالفة في ذلك بناء على أن اطلاق الكلب عليه حقيقة وهو ممنوع وأجزائهما لا نعرف خلافا في ذلك بين الأصحاب الا فيما لا تحله الحياة من اجزائهما فقد خالف فيه السيد المرتضى وحكم بطهارته وقد مر البحث عنه والكافر بجميع اصنافه وان أظهر الأسلم إذا جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة كالخوارج وهم أهل النهروان ومن دان بمقالتهم سموا بذلك لخروجهم على الإمام عليه السلام بعد أن كانوا من حزبه أو لخروجهم من الأسلم كما وصفهم النبي صلى الله عليه وآله بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرامي ونقل عن الباقر عليه السلام انهم مشركون والغلاة توهم الذين اعتقدوا في واحد من الأئمة انه الاله وقد يطلق الغالي على من قال بإلهية أحد من الناس واعلم أن جماعة من الأصحاب ادعوا الاجماع على نجاسة كل كافر كالمرتضى والشيخ وابن زهرة والمصنف في عدة من كتبه لكن المصنف في المعتبر أشار إلى نوع خلاف فيه فقال الكفار قسمان يهود ونصارى ومن عداهما إما القسم الثاني فالأصحاب متفقون على نجاستهم واما الأول فالشيخ قطع في كتبه بنجاستهم وكذا علم الهدى والاتباع وابنا بابويه وللمفيد قولان أحدهما النجاسة ذكره في أكثر كتبه والاخر الكراهة ذكره في الرسالة الغرية وقد تنسب المخالفة إلى الشيخ في النهاية وابن الجنيد أيضا لكن في نسبة ذلك إلى النهاية تأمل فتلخص من ذلك أن القول بنجاسة من عدا اليهود والنصارى والمجوس من أصناف الكفار موضع وفاق بين الأصحاب وقد صرح بذلك المحقق وغيره واما أهل الكتاب فالظاهر من كلام ابن الجنيد المخالفة فيه ويوافقه المفيد في أحد قوليه ولعل مدعى الاجماع يعتقد رجوع المفيد إلى موافقة المشهور مع عدم اعتداده بمخالفة ابن الجنيد لأنه يعمل بالقياس لكن القول بطهارة سؤرهم مما نسبه بعض المتأخرين إلى ابن أبي عقيل أيضا والعجب أن الشيخ في التهذيب نقل اجماع المسلمين على نجاسة الكفار مطلقا مع أن مخالفة جمهور العامة لهذا الحكم مما لا خفاء فيه حتى أن السيد المرتضى جعلها من متفردات الامامية احتج الأصحاب على نجاسة من عدا أهل الكتاب بوجهين الأول قوله تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ويرد عليه ان اتمام هذا الدليل يتوقف على اثبات ان لفظ النجس حقيقة شرعية في المعهود بين الفقهاء أو ساعد على ذلك عرف يعلم وجوده في زمن الخطاب وكلا الامرين في معرض المنع وانما قلنا بالتوقف المذكور لان كلام أهل اللغة غير مقيد لكون معنى النجس هو المعهود بينهم بل ذكر بعضهم انه المستقذر وبعضهم انه ضد للطاهر والمراد بالطهارة في عرف أهل اللغة معناها اللغوي لا يقال الفاء في قوله تعالى فلا يقربوا المسجد دالة على سببية النجاسة للمنع من دخول المساجد وذلك انما يصح على تقدير حمل النجاسة على المعنى الشرعي إذ ليس القذارة مطلقا سببا للمنع لأنا نقول القدر المعلوم سببية نجاسة المشركين للمنع لا للنجاسة مطلقا دلت على القذارة لا يلزم ان يكون كل قذارة سببا للمنع ويرد عليه أيضا ان الحكم في الآية مختص بالمشرك والمدعى أعم من ذلك وقد يدفع بان التعميم مستفاد من عدم القائل بالفصل ولا يناقش في دلالة الآية بان النجس مصدر فلا يصح وصف الجثة به الا مع تقدير كلمة ذو ولا دلالة في الآية معه لجواز ان يكون الوجه في نسبتهم إلى النجس عدم انفكاكم من النجاسات العرضية لانهم لا يتطهرون ولا يغتسلون والمدعى نجاسة ذواتهم وأجيب عنه بان المصدر يصح الوصف بها إذا كثرت معانيها في الذات كما يقال رجل عدل والتحقيق ان الوصف بالمصدر بها إذا كثرت معانيها في الذات كما يقال رجل عدل لكنه مبنى على التأويل فمن الناس من قدر كلمة ذو وجعل الوصف بها مضافة إلى المصدر ومنهم من جعله واردا على جهة المبالغة باعتبار تكثر الوصف في الموصوف حتى كأنه تجسم منه والظاهر كونه أرجح من الأول قيل وعليه تعويل المحققين الثاني قوله تعالى كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وفيه نظر لأنا نسلم ان الرجس بمعنى النجس لغة أو عرفا ولم يثبت كونه حقيقة شرعية فيه قال المحقق لا يقال الرجس العذاب رجوعا إلى أهل التفسير لأنا نقول حقيقة اللفظ يعطى ما ذكرناه فلا يستند إلى مفسر برايه ولان الرجس اسم لما يكره فهو يقع على موارده بالتواطؤ فيحمل على الجميع عملا بالاطلاق وفيه نظر فان كون حقيقة اللفظ معطية لما ذكره محل تأمل فان الرجس لغة يجيئ لمعان منها القذر والعمل المؤدى إلى العذاب والشك والعقاب والغضب والمأثم وكل ما استقذر من عمل واثبات انه حقيقة في البعض مجاز في غيره يحتاج إلى دليل مع ما قيل من أن المتبادر من سوق الآية إرادة الغضب والعذاب كما ذكره أكثر المفسرين على أن النجس بالمعنى الشرعي ليس من جملة تلك المعاني فلا ينفع الاشتراك المعنوي سلمنا لكن اطلاقه على ما يكره لا يقتضى وجوب حمله على جميع موارده على سبيل العموم لان صدق المطلق لا يقتضى صدق جميع افراده واحتج الأصحاب على نجاسة أهل الكتاب بطريقين الأول عموم الآيتين إما الثانية فظاهرة بعد فرض دلالتها على التنجيس واما الأولى فيحتاج إلى اثبات شرك أهل الكتاب واستدل عليه بان الشرك متحقق في المجوس منهم لما قيل من أنهم يقولون بالهين اثنين النور والظلمة وفى اليهود والنصارى بدليل قوله تعالى سبحانه وتعالى عما يشركون عقيب حكايته عن الهود وقولهم إن العزيز ابن الله وعن النصارى ان المسيح ابن الله وقوله تعالى بعد حكايته انهم تخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله سبحانه وتعالى عما يشركون الثاني الأخبار الدالة على ذلك منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن فراش اليهودي والنصراني ينام عليه قال لا باس ولا يصلى في ثيابهما وقال لا يأكل المسلم مع المجوسي في قصعة واحدة ولا يقعده على فراشه ولا مسجده ولا يصافحه قال وسألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس لا يدرى لمن كان هل تصلح الصلاة فيه قال إن اشتراه من مسلم فليصل فيه وان اشتراه من نصراني فلا يصل فيه حتى يغسله ومنها ما رواه الكليني عن علي بن جعفر في الصحيح عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال سألته عن مؤاكلة المجوسي في قصعة واحدة وارقد معه على فراش واحد وأصافحه فقال لا ومنها ما رواه علي بن جعفر في الصحيح أيضا سال أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام قال إذا علم أنه نصراني اغتسل بغير ماء الحمام الا ان يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثم يغتسل وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة قال لا ان يضطر ولعل المعنى في صدر هذا الحديث ان اجتماع المسلم مع النصراني حال الاغتسال يوجب إصابة ما يتقاطر من بدن النصراني لبدن المسلم فينجسه فيلزم عدم صحة الغسل بماء الحمام واما عند اغتسالهما منفردين فلا
(١٥٠)