يرويه ابن أبي عمير وفيه اشعار بحسن حاله فان قلت ما رواه الشيخ عن جميل بن دراج في القوى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل تصيبه الجنابة فنسى ان يبول حتى يغتسل ثم يرى بعد الغسل شيئا أيغتسل قال لا قد تعصرت ونزل من الحبائل رواية أحمد بن هلال السابقة يقتضيان عدم وجوب الإعادة في صورة النسيان واحتمل ذلك الشيخ في التهذيب وفى الاستبصار أيضا بل قال فيه بعد نقل خبر ابن هلال فجاء هذا الخبر مفسرا للأحاديث كلها بالوجه الذي ذكرناه من أنه يختص ذلك من تركه ناسيا مع امكان الجمع بينهما وبين الاخبار السالفة بحمل الاخبار السالفة على الاستحباب ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن عبد الله بن هلال في القوى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجامع أهله ثم يغتسل قبل ان يبول ثم يخرج منه شئ بعد الغسل فقال لا شئ عليه ان ذلك مما وضعه الله عنه وعن زيد الشحام في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل ان يبول ثم رأى شيئا قال لا يعيد الغسل ليس ذلك الذي رأى شيئا قلت رواية جيل غير نقى السند لان في طريقها علي بن السندي وهو غير موثق فلا تصلح معارضته للاخبار السابقة مع أن ظاهرها يقتضى عدم الفرق بين العامد والناسي في عدم وجوب شئ فان قوله عليه السلام قد تعصرت ونزل من الحبائل بمنزلة التعليل وهو غير معمول بين الأصحاب بل التفرقة بين الناسي والعامد أيضا غير معمول بينهم وانما ذكرها الشيخ على سبيل الاحتمال واما خبر أحمد بن هلال فضعيف لان أحمد بن هلال مطعون عليه جدا مع ما فيه من الاضمار فيجوز ان يكون نقله من غير المعصومين عليهم السلام مع أنه ليس فيه انه رأى البلل بعد الغسل فلا دلالة فيه على المدعا واما حمل الأخبار السابقة على الاستحباب والعدول عن الظاهر فغير لازم لعدم صلاحية المعارض للمعارضة مع مخالفة ذلك لعمل الأصحاب واما خبر عبد الله بن هلال فغير نقى السند لان الراوي غير موثق ومع ذلك شاذ غير معمول عليه وخبر زيد الشحام ضعيف لان في طريقه المفضل بن صالح وقد قال ابن الغضائري والمصنف انه كذاب يضع الحديث واما ما روى ابن بابويه من الاكتفاء بالوضوء بخبر غير معلوم السند غير مشهور بينهم فلا يصلح للتعويل فالأحوط بل الأقوى المصر إلى ما ذهب إليه معظم الأصحاب الثالثة بال ولم يستبرئ وحكمه عدم وجوب إعادة الغسل ووجوب الوضوء إما الأول فللاخبار السالفة والأصل واما الثاني فلصحيحة محمد بن مسلم وموثقة سماعة وخبر معوية بن ميسرة ويؤيده مفهوم صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول قال ينتره ثلثا ثم إن سال حتى يبلغ السوف فلا يبالي وكذا حسنة محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل بال ولم يكن معه ما قال يعصر أصل ذكره إلى ذكره ثلث عصرات وينتر طرفه فان خرج بعد ذلك شئ فليس من البول ولكنه من الحبائل وهو مروى في الكافي بتفاوت ما ورواية عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجى ثم يجد بعد ذلك بللا قال إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثالث مرات وغمز ما بينهما ثم استنجى فان سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي وكذا الحكم في غير هذه الموضع فان بال ولم يستبرى ثم توضأ ثم وجد بللا فإنه يجب عليه إعادة الوضوء وان سيبرأ لم يجب عليه الإعادة والظاهر أنه لا خلاف في الحكمين بين الأصحاب ونقل ابن إدريس الاجماع فيهما وقد مر البحث عن الحكمين في مبحث الاستنجاء ويؤيد الحكم في الجملة الأول مضافا إلى ما مر هناك الأخبار المذكورة هيهنا واما الأخبار الدالة على عدم وجوب إعادة الوضوء بوجدان البلل بعده فخصص بصورة الاستبراء جمعا بين الاخبار ورعاية العمل الأصحاب وحمل الشيخ رواية ابن ميسرة الدالة على إعادة الوضوء ان بال تارة على أن يكون ما خرج منه بولا وتارة على الاستحباب وقال الشهيد بعد نقل ذلك عن الشيخ قلت هذان الحملان ظاهرهما انه لا يجب مع الاستثناء شئ ثم قال وقد روى في باب الاستنجاء ونقل بعض ما نقلنا من الاخبار ثم قال ومفهوم هذه الأخبار انه لو لم يستبرئ حكم بالنقض بل روى إعادة الوضوء بالخارج بعد الاستبراء ورواه الصفار عن محمد بن عيسى قال كتب إليه رجل هل يجب الوضوء مما يخرج من الذكر بعد الاستبراء فكتب نعم حملها الشيخ على الندب فكيف ينبغي الوجوب مع الاشتباه وعدم الاستبراء مع أن الشيخ والجماعة مفتون بانتفاض الوضوء بالبلل إذا لم يستبرى صرح بذلك في المبسوط في باب الاستنجاء ونقل ابن إدريس فيه الاجماع وكذا نقل الاجماع على عدم انتفاض الوضوء لو استبرى ثم رأى البلل انتهى كلامه رحمه الله وكلام الشيخ رحمه الله وان لم يكن صريحا في استحباب الوضوء في صورة عدم الاستبراء لكن يظهر من حيث حمل الرواية بعمومه على الاستحباب ولم يتعرض لاحتمال حملها على الوجوب تنزيلها على صورة عدم الاستبراء مع قرب هذه الاحتمال الرابعة استبرأ ولم يبل مع امكان البول فالظاهر فيه وجوب الإعادة تمسكا بعموم الأخبار السابقة وهو المشهور بين المتأخرين والمستفاد من كلام الشيخ في المبسوط وعبارة المصنف في القواعد والمحقق في الشرائع عدم الوجوب الخامسة استبرأ ولم يبل مع تعذر البول فالمشهور بين الأصحاب عدم وجوب الإعادة وظاهر التذكرة وجوبها وتوقف المصنف في المنتهى ومقتضى عموم الأخبار السابقة وجوب الإعادة وبامر من الخبرين الدالين على عدم وجوب الإعادة لا يصلح معارضا لها ومع ذلك عام لا يمكن تقييده بصورة التعذر كما نقله الشيخ رحمه الله الا بدليل واما خبر جميل فمخصوص بالناسي وليس فيه التقييد بتعذر البول بحصوله ولا الاجتهاد فلا ينفع شيئا فعلم من ذلك أن قول الشهيد في الذكرى دل على اجراء الاجتهاد رواية جميل وكذا كلام الشارح الفاضل حيث قال ودل على اجزاء الاجتهاد مع عدم التمكن من البول قوله عليه السلام في رواية جميل بن دراج إلى اخر ما نقله محل التأمل فتدبر واعلم أن المنى الخارج أو المشتبه حدث جديد فالصلاة الواقف قبله صحيحة لحصولها في وقت الطهارة واستجماع شرائط الصحة ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب القول بوجوب عادتها ورده لعل المستند خبر محمد بن مسلم السالف ويمكن حمله على الاستحباب أو على الصلاة الواقعة بعد وجدان البلل وربما تخيل فساد الغسل الأول لان المنى باق في مخرجه لا في مقره كما قاله بعض العامة ووهنه واضح لان الغسل يفسد بما خرج لا بما بقى في غير مقره ومن ثمة لو حبسه لم يجب به الغسل عندنا وعند أكثرهم كما نقل عنهم وكذا يستحب امرار اليد على الجسد ما فيه من المبالغة في ايصال الماء إلى البشرة قال في المعتبر هو اختيار علماء أهل البيت عليهم السلام وفى المنتهى انه مذهب أهل البيت عليهم السلام وكذا يستحب تحليل ما يصل إليه الماء بدون التخلص كمعاطف الاذنين وما تحت يدي المراة والشعر الخفيف والمراد بوصول الماء إليه وصوله إلى ما تحته من البشرة ولعل ذلك لما فيه من الاستظهار والمضمضة والاستنشاق ثلثا ثلثا بعد غسل اليدين من الزندين على ما ذكره هما الشهيدان رحمهما الله للخبر المذكور في الوضوء ونقل الشهيد عن الجعفي انه يغسلهما إلى المرفقين أو إلى نصفهما لما فيه من المبالغة في التنظيف والاخذ بالاحتياط واعلم أن الاخبار تختلف في التحديد ففي رواية أبي بصير الصحيح عندي عن أبي عبد الله تصب على يديك الماء فتغسل كفيك وفى صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام تبدأ بكفيك وفى صحيحة حكم بن حكيم عن أبي عبد الله عليه السلام افض على كفك اليمنى فاغسلها وفى رواية أبى بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام اغسل كفك وفى صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ يمينك على شمالك فتغسل فرجك ومرافقك وفى صحيحة يعقوب بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل ان يغمسها في الماء وفى صحيحة أحمد بن محمد عن أبي الحسن عليه السلام تغسل يدك اليمنى من المرفق إلى أطراف أصابعك وفى موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام فليفرغ كفيه فليغسلهما دون المرفق وفى رواية يونس عن رجاله عنهم عليهم السلام في صفة غسل الميت ثم اغسل يده ثلث مرات كما يغتسل الانسان من الجنابة إلى نصف الذراع والمستفاد من تلك الأخبار التخيير والظاهر أن غسلهما من المرفق أبلغ وصرح المصنف هنا باستحباب غسل اليدين وإن كان مرتمسا أو تحت المطر أو مغتسلا من اناء يصبه عليه من غير ادخال وهو حسن لعموم صحيحة زرارة ورواية أبي بصير لكن ليس فيهما تعيين عدد الثلاثة كما ذكره الأصحاب وقد مر بعض ما يتعلق بهذا المقام في مبحث الوضوء والغسل بصاع فما زاد ونقل المصنف والمحقق اجماع الأصحاب عليه ويدل عليه روايات كثيرة منها ما رواه الشيخ عن أبي بصير ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام انهما سمعا يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل بصاع من ماء ويتوضأ بمد وعن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع سنة أرطال قال الشيخ يعنى أرطال المدينة فيكون تسعة أرطال بالعراقي وعن زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير في الصحيح عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام انهما قالا توضأ رسول الله واغتسل بصاع ثم قال اغتسل هو وزوجته بخمسة امداد من اناء واحد قال زرارة فقلت له كيف صنع هو قال بدا هو فضرب بيده في الماء قبلها وابقى فرجه ثم ضربت فأبقت فرجها ثم أفاضت هو وأفاضت هي على نفسها حتى فرغا فكان الذي اغتسل به رسول الله صلى الله عليه وآله ثلثة امداد والذي اغتسلت به مدين وانما اجزاء عنهما لأنهما اشتركا جميعا ومن انفرد بالغسل وحده فلا بدله من صاع قوله عليه السلام لا يدله من صاع محمول على الاستحباب لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد اجزاه وغير ذلك من الاعباد وقد مر
(٥٩)