المراد انه بمنزلته في التحريم وخبر عبد الله بن سنان غير واضح الدلالة على أن السائل يعتقد نجاسة الخمر لجواز ان يكون ذكره للخمر مع لحم الخنزير بناء على أنه يعتقد استخباث التحرز عنه حجة القول بالطهارة صحيحة الحسن بن أبي سارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان أصاب ثوبي شئ من الخمر أصلي فيه قبل ان اغسله قال لا باس ان الثوب لا يسكر وما رواه الثقة الصدوق عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد في الصحيح عن علي بن رئاب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخمر والنبيذ المسكر يصيب ثوبي اغسله أو أصلي فيه قال صل فيه الا ان تقذره فتغسل منه موضع الأثر ان الله تبارك وتعالى انما حرم شربها وموثقة عبد الله بن بكير قال سال رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن المسكر والنبيذ يصيب الثوب قال لا باس ورواية الحسين بن موسى الحناط قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل شرب الخمر ثم يمجه من فيه فيصيب ثوبي فقال لا باس وراوي هذه الرواية غير مصرح بالتوثيق لكن له كتاب يرويه ابن أبي عمير والظاهر أن جلالة شانه يمنعه عن أن يروى عن الضعفاء مع أن الشيخ في العدة صرح بأنه لا يروى الا عن الثقات ولا يقدح روايته عمن حكم بالضعف أحيانا لان العرض مما ذكرنا الظن بثقة المروى عنه ولا يقدح في الظن وقوع خلافه إذا كان ذلك نادرا جدا فاذن الحاق هذه الرواية بالصحاح غير بعيد ورواية أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصاب ثوبي نبيذ أصلي فيه قال نعم قلت له قطرة من نبيذ قطرت في حب اشرب منه قال نعم ان أصل النبيذ حلال وان أصل الخمر حرام وجه الدلالة ان الظاهر عدم القائل بالفصل وحمل الشيخ النبيذ المذكور في هذه الرواية على النبيذ الحلال وهو غير بعيد ورواية الحسن بن أبي سارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انا نخالط اليهود والنصارى والمجوس وندخل عليهم وهم يأكلون ويشربون فيمر ساقيهم فيصب على ثيابي الخمر قال لا باس به الا ان تغسله ورواية حفص الأعور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الدن يكون فيه الخمر ثم يجفف يجعل فيه الخل قال نعم وروى ابن بابويه مرسلا قال سئل أبو جعفر عليه السلام وأبو عبد الله عليه السلام فقيل لهما انا نشتري ثيابا يصيبها الخمر وودك الخنزير عند حياكتها أنصلي فيه قبل ان نغسلها فقالا نعم لا باس انما حرم الله اكله وشربه ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة فيه وروى هذا الخبر الصدوق في كتاب علل الشرائع والاحكام بطريق صحيح عن بكير عن أبي جعفر عليه السلام وأبي الصباح وأبي سعيد والحسن النبال عن أبي عبد الله عليه السلام و روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل ان يغسله فقال لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه ولا باس وفي كتاب قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام بهذه العبارة سألته عن رجل مر في ماء مطر قد صب فيه خمر الحديث وروى صاحب كتاب قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن العلوي عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل مر بمكان قد رش فيه خمر قد شربته الأرش وبقى نداه أيصلى فيه قال إن أصاب مكانا غيره فليصل فيه وان لم يصب فلا باس ويمكن تأويل هذه الروايات بحملها على التقية بناء على أن أكثر امراء بني أمية وبني العباس الذين كانوا في زمن الأئمة عليهم السلام وأصحاب الشوكة والسلطنة منهم كانوا مولعين بشرب الخمر غير متحرزين عنه فغير بعيد ان يكونوا يزعمون طهارة الخمر ويرغبون إلى القول به فجائت التقية من هذه العلة وان لم يكن ذلك فتوى مشهورا بين العامة والتحقيق انه يمكن ترجيح اخبار الطهارة لكثرة الصحيح منها ووضوح دلالتها وبعد التأويل فيها لان الحمل على التقية إذا لم يكن قولا معروفا بين العامة مذهبا لمشاهير العلماء والمفتين بينهم بعيد وكذا تظاهر الملوك والامراء بالقول به والذهاب إليه والاضرار بمن خالفه بحيث تجب التقية مع شذوذه بين فقهائهم ومشاهيرهم وندرته عندهم وعدم الاعتداد بقائله منهم حتى أن الشيخ نفى الخلاف في نجاسة الخمر وابن إدريس ادعى اجماع المسلمين عليه بعيد جدا ولو كان اصرار أمرائهم وسلاطينهم على طهارته بهذه المرتبة من الشدة لكان افتاء أكابر علمائهم ومشاهير فقهائهم على الطهارة إذ هم أولي بقبول احكامهم والميل إليهم والخوف عنهم بل الظاهر أن امراء بني أمية وبني العباس في زمن الباقر والصادق عليهما السلام لم يكونوا متظاهرين بشرب الخمر علانية وانما يفعلونه في السر مع أن الحمل على التقية في قوة الاطراح فلا ينبغي ارتكابه الا عند الضرورة وانتفاء وجه قريب ومن البين ان حمل الأوامر والنواهي في اخبارنا على الاستحباب والكراهة شائع ذائع حتى كأنه الحقيقة كما أشرنا إليه مرارا فالجمع بين الاخبار بهذا الوجه أوجه مع اعتضاد اخبار الطهارة بالأصل والعمومات الدالة على طهورية المياه على سبيل العموم ومن جملتها الملاقى للخمر بل بظاهر القرآن أيضا فإنه إذا وجد ماء ملاقيا للخمر يلزم بمقتضى القول بالتنجيس الاجتناب عنه ومقتضى الآيات الوضوء و الغسل به وعدم العدول إلى التيمم وفي الأخير نظر يمكن دفعه عند التأمل ويمكن ترجيح اخبار النجاسة لاشتهارها بين الطائفة واعتضادها بالاجماع المنقول وكون خبر علي بن مهزيار الدالة عليه أصح ما ورد في هذا الباب مع كونه منقولا عن الامام الأخير فيكون العمل به راجحا وبالجملة لولا الشهرة العظيمة والاجماع المنقول كان القول بالطهارة متجها لكن الشهرة والاجماع المذكور يمنعنا من الاجتراء عليه وإن كان له رجحان ما فاذن الاحتياط وترك الفتوى فيه متجه كما يميل إليه كلام المحقق في المعتبر حيث قال بعد اختيار المشهور والاحتجاج عليه بالآية وغيرها الوجه ان الاخبار المشار إليها من الطرفين ضعيفة وبين وجه ضعف ما نقله منها ثم قال وما عدا هذه الأخبار مثلها في الضعف وما صح منها غير دال على موضع النزاع لان الخبر الدال على المنع مما يقع فيه الخمر من طبيخ أو عجين يحتمل ان يكون المنع منه للنجاسة بل لتحريمه فإذا مازج المحلل حرمه كما لو وقع في القدر دهن من حيوان محرم فإذا نمنع منه لتحريمه لا لنجاسته والاستدلال بالآية فيه اشكال لكن مع اختلاف الأصحاب والأحاديث يؤخذ بالأحوط في الدين هذا كلامه وهو حسن لكنه في حكمه بعدم وجود الخبر الصحيح من الطرفين تأمل البحث الثاني " في سائر الأنبذة المسكرة وحكمها في التنجيس حكم الخمر لا نعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب واحتج عليه في المعتبر بان المسكر خمر فيتناوله حكم الخمر إما انه خمر فلان الخمر انما سمى بذلك لكونه يخمر العقل ويستره فما ساواه في المسمى يساويه في الاسم ولما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال إن الله سبحانه لم يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر وروى عطاء ابن بشار عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر حرام وكل مسكر خمر وفي كلا الوجهين نظر إما الأول فلانه اثبات اللغة بالاستدلال وهو ممنوع عند المحققين واما الثاني فلان الظاهر من اللغة والعرف ان الخمر حقيقة في المسكر من العنب وغاية ما يستفاد من الخبرين اطلاق الخمر على كل مسكر وهو أعم من الحقيقة بل المجاز خير من الاشتراك والنقل وكون الأصل في الاستعمال الحقيقة انما يكون عند عدم استلزامها للنقل أو الاشتراك على أنه يجوز ان يكون المراد اشتراكه مع الخمر في التحريم لان الكلام مسوق لبيانه ولا يبعد ان يقال قوله في خبر عطا كل مسكر خمر مما يؤذن بالاشتراك في جميع الأحكام لان ذلك طاهر الحمل والتأسيس خير من التأكيد لكن جعله من المؤيدات أولي ومما يؤكد ذلك صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر من خمسة العصير من الكرم والنقيع من الزبيب والتبع من النسل والمرر من الشعير والنبيذ من التمر ومما يدل على التسوية المذكورة صحيحة علي بن مهزيار وموثقة عمار السابقتين واعلم أن الحكم بنجاسة المسكر مخصوص عند الأصحاب بما هو مائع بالأصالة كما نبه عليه كثير منهم فالجامد بالأصالة طاهر وان حصل له الميعان والمائع بالعكس والعصير إذا غلا واشتد الحق بعض الأصحاب بالخمر في التنجيس العصير إذا غلا واشتد ولم يذهب ثلثاه وفي المعتبر يحرم مع الغليان حتى يذهب الثلثان ولا ينجس الا مع الاشتداد وحكى فيه عن بعض الأصحاب انه اكتفى في الحكم بالتنجيس بمجرد الغليان وقال المصنف في التذكرة العصير إذا غلا حرم حتى يذهب ثلثاه وهل ينجس بالغليان أو يقف على الشدة اشكال ومما نقلنا يعلم أن تفسير بعض المتأخرين للاشتداد الواقع في كلام الأصحاب هنا بالثخانة المسببة عن مجرد الغليان ضعيف وتوجيهه بان الغليان الحاصل بسبب النار مقتض لتصاعد الأجزاء البخارية الموجبة لتحقق قوام ماله وان ما يحصل بغير النار مستند إلى سبب مجفف للرطوبة فاسد فان مطلق التصاعد والتجفيف لا يقتضى حصول القوام الذي يوجب صدق الاشتداد لغة أو عرفا فلا ينفع على أنه لو تم يلزم حصول الاشتداد قبل الغليان في كثير من الصور مع أن صحته يقتضى المصير إلى الاكتفاء بمجرد الغليان لا حمل كلامهم عليه فان كلامهم يأبى عن ذلك غاية الاباء واعلم أن القائل بنجاسة العصير قليل من الأصحاب كما يستفاد من الذكرى فإنه نقل القول بذلك
(١٥٤)