حتى خرج شهر رمضان ان عليه ان يغتسل ويقضى صلاته وصومه الا ان يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضى صلاته وصومه إلى ذلك اليوم ولا يقضى ما بعد ذلك مع أنه رحمه الله ضمن في أول الكتاب ان لا يورد فيه الا ما يحكم بصحته ويعتقده حجة بينه وبين ربه وهذا يقتضى في الجملة نوع قوة في الخبر خصوصا إذا كان في أوايل كتابه احتج المصنف على عدم التداخل في صورة اجتماع الواجب والندب بوجهين الأول ان غسل الجنابة واجب فالفرد الذي يأتي به ان قصده واجبا لم يجزء عن الجمعة وان قصده مستحبا لم يجزء عن الجنابة وان جمع بينهما يلزم اعتقاد النقيضين وقد يقال نية الوجوب يستلزم نية الندب لاشتراكهما في ترجيح الفعل ولا يضر اعتقاد منع الترك لأنه مؤكد للغاية وهو ضعيف لأنه المباينة والتضاد بين الواجب والندب مما لا خفاء فيه وربما يتوهم امكان اجتماع جهة الوجوب والندب في شئ واحد من جهتين بمعنى ان يكون شئ واحد فردا للطبيعة التي تعلق بها التكليف الايجابي مع كونه فردا للطبيعة التي تعلق بها التكليف الاستحبابي لا ان يكون ذلك الفرد متصفا بالجهتين معا في نفسه فإذا اتى المكلف بالفرد المذكور يحصل امتثال كلا التكليفين وفيه نظر إذ الطبيعة انما تكون متعلقة للتكاليف باعتبار اتحادها مع افرادها في الخارج فإذا تعلق التكليف الاستحبابي بطبيعة كان معناه في الحقيقة يرجع إلى أن ما يصدق عليه هذه الطبيعة يستحب فعله ويجوز تركه فلو كان بعض افرادها مما لا يجوز تركه لم يكن القدر المشترك بين تلك الافراد جائز الترك فلا يتعلق به التكليف الاستحبابي وهذا خلف فإذا لا يجوز ان يكون الامر الذي لا يجوز تركه فردا للطبيعة المستحبة نعم يمكن ان يكون أمر واحد فردا للطبيعة المستحبة وفردا للطبيعة الواجبة فردا يجوز تركه بان يأتي بفرد اخر لا مطلقا ومحل البحث خارج عن هذا القسم فتدبر والأقرب ان يقال لما دل الدليل على اجزاء غسل واحد عنهما يلزم ان يقال إحدى الوظيفتين يتأدى بالأخرى بمعنى انه يحصل له ثوابها وان لم يكن من افرادها حقيقة كما تتأدى صلاة التحية بالفريضة والصوم المستحب بالقضاء أو يقال ما دل على استحباب غسل الجمعة مخصص بصورة لا يحصل سبب الوجوب والمراد من كونه مستحبا انه مستحب من حيث كونه غسل الجمعة يعنى مع قطع النظر عن طريان العارض المقتضى للوجوب الثاني قوله عليه السلام انما لكل امرئ ما نوى والجواب ان هذه الرواية مع اجمالها مخصصة بالاخبار السابقة الدالة على التداخل جمعا بين الأدلة وان نوى المكلف الفعل من غير تعيين الأسباب كلا أو بعضها فالقول بالاجزاء غير بعيد لعموم الأدلة السالفة وعدم انتهاض دليل على اشتراط نية السبب وقال المصنف في النهاية فان نوى مطلق الغسل على وجه الوجوب انصرف إلى الواجب وان نوى المطلق ولم يقيد بوجه الوجوب فان شرطنا في الندب نية لم يقع عن أحدهما والتيمم يجب للصلاة والطواف الواجبين لاشتراطهما بالوضوء أو الغسل وكون التيمم بدلا عنهما ولخروج الجنب من المسجدين وجوب التيمم للخروج وتحريمه بدونه مشهور بين الأصحاب بل قال المصنف في المنتهى انه قول علمائنا وقال المحقق في المعتبر هذا مذهب فقهائنا ومستنده الاجماع منا على تحريم المرور في المسجدين للجنب وحكى في الذكرى عن ابن حمزة القول بالاستحباب والأول أقرب والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ عن أبي حمزة في الصحيح قال قال أبو جعفر عليه السلام إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فاحتلم فاصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد الا متيمما ولا باس ان يمر في سائر المساجد ولا يجلسان فيها وجه الدلالة على ما اخترناه إما كون الامر للوجوب ان قلنا بذلك في اخبارنا مطلقا وبمعونة انضمام الشهرة واما ان مقتضى الأدلة المنع من كون المجنب في شئ من المسجدين مطلقا والخبر المذكور دل على جواز الكون المقارن للتيمم والخروج بعده فبذلك تخصص العمومات ويبقى سائر الأكوان مندرجا تحت عموم المنع ويلزم من ذلك وجوب التيمم وينبغي التنبيه على أمور الأول ظاهر جماعة من الأصحاب وجوب التيمم وان أمكن الغسل وساوى زمانه زمان التيمم أو قصر عنه وبه صرح المدقق الشيخ على واختاره بعض المتأخرين وخالف فيه جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الدروس والشارح الفاضل في جملة من كتبه فإنهم ذهبوا إلى تعين الغسل عند امكانه وتساوى زمانه لزمان التيمم أو نقصه عنه وحصول الامن من تلويث المسجد والآية واحتمل في الذكرى تقديم الغسل مطلقا عند امكانه وكذا الشارح الفاضل في شرح الشرائع من غير تقييد بالقصور أو المساواة وقال في شرح هذا الكتاب وانما قيد جواز الغسل في المسجد مع امكانه بمساواة زمانه لزمان التيمم أو قصوره عنه مع أن الدليل يقتضى تقديمه مطلقا مع امكانه لعدم العلم بالقائل تقديمه مطلقا والا لكان القول به متجها ففي هذه المسألة وجوه ثلثه والأقرب عندي الأوسط ويدل عليه ان فرض تحقق الماء في المسجد وامكان الاغتسال من غير حصول تلويث المسجد؟؟؟؟
مع قصور زمانه عن زمان التيمم أو مساواته له نادر بحسب العادة والمتعارف جدا بل هو مجرد فرض عقلي والتتبع التام كاشف عن أن الأخبار الواردة عن الأئمة عليهم السلام مبنى على المتعارف المعتاد وليس نظرهم عليهم السلام في احكامهم على الفروض النادرة والاحتمالات البعيدة إذا عرفت هذا فاعلم أن في صورة امكان الغسل مع الامن من التلويث لا يصح الاستناد إلى الخبر الدال على التيمم في ايجابه فحينئذ إن كان زمان الغسل قاصرا عن زمان التيمم لزم عليه الغسل لأنه لا يخلو ما ان يجب عليه حينئذ الغسل أو التيمم ويجوز له الخروج بدون شئ منهما لا سبيل إلى الثالث للاجماع عليه ولان اقتضاء التمكن من الغسل جواز الخروج بدون الامرين بعيد جدا فثبت وجوب المكث عليه بمقدار الغسل أو التيمم ولما ثبت بالأدلة تحريم اللبث في المسجد مطلقا كان جوازه متقدرا بقدر الضرورة واقتضاء الدليل وهو الاقتصار على القدر الأقل وهو زمان الغسل وبهذا ثبت المطلوب وإن كان زمان الغسل مساويا لزمان التيمم فا لأمر فيه كالسابق انه يجب عليه حينئذ على ما بيناه أحد الامرين من الغسل أو التيمم إما على سبيل التخيير أو على سبيل التعيين لا وجه لتعيين التيمم لعدم الدليل عليه فثبت جواز الغسل وإذا ثبت جوازه يلزم وجوبه لان الغسل يقتضى ارتفاع حدث الجنابة ففي زمان الخروج ليس بجنب يقينا واما التيمم فلا يقتضى ذلك يقينا فلا يحصل اليقين لعدم جنابته في زمان الخروج والنهى عن الكون في المسجد مجنبا يقتضى تحصيل البراءة اليقينية فيجب الاقتصار على ما تحصل به وإن كان زمان الغسل أكثر من زمان التيمم تعين التيمم سواء كان زمان الغسل أكثر من زمان التيمم مع زمان الخروج أم لا إما الأول فظاهر لان الذي ثبت بالدليل وجوب أحد الامرين من التيمم أو الغسل فيجب الاقتصار على أقلهما لبثا واما الثاني فلان الكون الزائد على مقدار التيمم مما يتعذر له الغسل مع حصول الاضطرار أو إليه فيستباح بالتيمم بناء على ما سيجيئ في محله من أن التيمم يبيح ما يبيح المائية عند تعذرها فالتيمم موجب لقلة الكون المحرم لكن لا يخفى ان في صورة يكون زمان الغسل أكثر من زمان التيمم لكن يكون مساويا لزمان الخروج يحتمل جواز الغسل بعد التيمم ولا يبعد عدم جوازه ووجوب الخروج إما إذا أمكن الغسل خارج المسجد ترجيحا للاجتياز على اللبث وفى صورة يكون زمان الغسل أكثر من زمان التيمم وأقل من زمان الخروج يحتمل وجوب الغسل بعد التيمم لان تكون الزائد على زمان الغسل المشتمل عليه الخروج مما يمكن الغسل له فيجب ويحتمل التخيير بين الغسل والخروج أو وجوب الخروج في صورة التمكن من الغسل خارجا ترجيحا للاجتياز الكثير على اللبث القليل ثم ما ذكرنا من التفاصيل انما يتجه إذا كان كل واحد من الغسل أو التيمم متضمنا للبث وأما إذا كان أحدهما متضمنا للبث وأمكن الأخر على سبيل الاجتياز فيحصل في الأحكام المذكورة نوع شك مثلا أمكن التيمم اجتيازا في زمان الخروج ولا يمكن الغسل الا مع اللبث وكان