الإنشاء على معنى الخبر وعن لزوم تعين المسح على الناصية والرجل اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى فإنه لم يعلم فتوى الأصحاب عليه وحينئذ يكون ارتباطه بقوله عليه السلام ان الله وتر يحب الوتر على أن المسحات ثلثه على أن اثبات ان حمل الخبر على معنى الاستحباب أبعد من حمله على الوجوب خصوصا في الأخبار الخاصة لا يخلو عن اشكال بل سياق الرواية مناسب لحمله على الجواز أو الارشاد كما لا يخفى على المتدبر فظهر ان ما ذكره بعض أفاضل الشارحين من أن الخبر يفهم منه وجوب المسح بالبلة وأيضا يدل على كون مسح الرأس والرجل اليمنى باليد اليمنى ومسح اليسرى باليسرى ولعل بالوجوب لم يقل أحد وليس الخبر بصحيح بل هو حسن فلا يبعد الاستحباب محل النظر قال في الذكرى وضرورة ابن الجنيد يدفعها مشهور خلف بن حماد المرسل عن أبي عبد الله قلت له الرجل ينسى مسح رأسه وهو في الصلاة قال إن كان في لحيته بلل فليمسح به قلت فإن لم يكن له لحية قال يمسح من حاجبيه ومن أشفار عينيه وفى انتقاضه باثبات المدعا تأمل لعدم صراحة الامر في الوجوب واحتمال الحمل على الغالب من عدم التمكن من الماء في حال الصلاة واعلم أن الروايات السابقة وان لم يدل على وجوب المسح ببقية البلل لكن دل على جواز ذلك فما دل على خلافه نحو ما رواه الشيخ عن معمر بن خلاد في الصحيح قال سئلت أبا الحسن يجزى الرجل ان يمسح قدميه بفضل رأسه فقال برأسه لا فقلت أبماء جديد فقال برأسه نعم وعن أبي بصير في الصحيح على الأقرب قال سألتا أبا عبد الله عليه السلام عن مسح الرأس قلت امسح مما في يدي من الندا رأسي قال لا بل تضع يدك في الماء محمول على التقية لمعارضته بما هو أقوى منه مع مخالفته لاجماع الفرقة وابن الجنيد غير قائل بوجوب الاستيناف فليس له التمسك بالروايتين وله ان يستدل باطلاق الآية وبما نقل المحقق في المعتبر حيث قال وذكر البزنطي في جامعه عن جميل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال حكى لنا وضوء رسول اله صلى الله عليه وآله وقال ثم مسح بما بقى في يده رأسه ورجليه ثم قال احمد البزنطي وحدثني المثنى عن زرارة وأبى حمزة عن أبي جعفر عليه السلام مثل حديث جميل في الوضوء الا انه في حديث المثنى ثم وضع يده في الاناء فمسح رأسه ورجليه وفيه انه لا يصلح معارضا للاخبار السالفة إذ الظاهر كون الوضوء المحكي في الجميع واحدا مع احتمال التعدد مع امكان المناقشة في دلالة الخبر على الاستيناف ويؤيد مذهب ابن الجنيد ما رواه الشيخ عن أبي بصير في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يسعى ان يمسح على رأسه فذكره هو في الصلاة فقال إن كان استيقن ذلك انصرف فمسح على رأسه ورجليه واستقبل الصلاة وان شك فلم يدر مسح أو لم يمسح فليتناول من لحيته إن كانت مبتلة وليمسح على رأسه وإن كان امامه ماء فليتناول منه فيمسح به رأسه والرواية لا تصلح للدلالة لاختصاصها بصورة الشك التي لم يجب عليه المسح فيجوز ان يكون محمولا على استحبابه على الوجه المذكور في الصورة المذكورة قال في المعتبر دليلنا على وجوب المسح ببقية البلل انه عليه السلام مسح ببقية البلل وفعله عليه السلام بيان للمجمل فيجب وهو معارض بالأحاديث المبيحة للاستيناف لكن القول بوجوب المسح بقيه البلل أولي في الاستطهار للعبادة وهذا الكلام يدل على وجود أحاديث دالة على إباحة الاستيناف ولعل مراده بالإباحة الجواز بالمعنى الأعم فيكون إشارة إلى صحيحتي عمر وأبي بصير فان استأنف ماء جديد أبطل وضوءه لعدم الامتثال بناء على ما ذكر فان جف البلل عن يديه اخذ من لحيته وأشفار عينيه ومسح به ويجوز الاخذ من هذه المواضع من غير جفاف اليد لكونه من بلل الوضوء ولا يصدق عليه الاستيناف ويشكل بما رواه الشيخ باسناد لا يبعدان بعد موثقا عن عبيد الله بن مسكان وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن مالك بن أعين وهو غير موثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال من نسى مسح رأسه ثم ذكر انه لم يمسح رأسه فإن كان في لحيته بلل فليأخذ منه وليمسح رأسه وان لم يكن في لحيته بلل فلينصرف وليعد الوضوء لتخصيص الحكم فيها باللحية لكن لا يبعد ان يقال إنه محمول على الغالب حيث يكون جفاف اللحية عند جفاف جميع الأعضاء قيل ولا يختص الاخذ بهذه المواضع بل يجوز من جميع مخال الوضوء وتخصيص الشعر لكونه محل البلل ويجرى فيه المناقشة السابقة فان جف جميع ذلك بطل الوضوء الا مع الضرورة كافراط الحر وقلة الماء فيجوز حينئذ الاستيناف ولو أمكن القاء جزء من اليد اليسرى ثم الصب عليه أو غمسه وتعجيل المسح به وجب مقدما على الاستئناف بناء على عدم جوازه ويجب في الوضوء الترتيب يبدأ بغسل الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم يمسح الرأس ثم الرجلين والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب وتدل عليه الأخبار المستفيضة ولا ترتيب بينهما على المشهور حتى قال ابن إدريس لا أظن أحدا منا مخالفا في ذلك ويدل عليه اطلاق الآية والاخبار والمحكى عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار وظاهر ابن بابويه وجوب تقديم اليمنى وعن بعض الأصحاب جواز المعية خاصة واختار الشارح الفاضل القول الثاني وعلل بأنه لم يكن في الوضوء البياني الا كذلك والا لزم تعين خلافه وهو باطل اجماعا فيلزم وجوب تقديم اليمنى وفيه ضعف كما مر لكن تدل عليه رواية محمد بن مسلك في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر المسح فقال امسح على مقدم رأسك فامسح على القدمين وابدا بالشق الأيمن الا انك قد عرفت ان دلالة الامر في اخبارنا على الوجوب ليس بذلك الواضح فلا ينتهض لتخصيص اطلاق الآية والاخبار وتجب الموالاة لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الموالاة وانما الخلاف في تفسيرها فقيل معناها ان يغسل كل عضو قبل ان يجف ما تقدمه وهو المشهور بين الأصحاب حتى قال الشهيد في الذكرى وكلام الشيخين ظاهر في المتابعة وظاهر المبسوط عدم الأجزاء بالمخالفة ففيه وفاء لحق الواجب الا انه في الجمل وافق الأصحاب في اعتبار الجفاف فانحصرت المتابعة في المفيد رحمه الله ولو حمل قوله لا يجوز على الكراهة انعقد الاجماع وقيل إنها وجوب المتابعة اختيار أو الجفاف اضطرار الا انه لا يبطل الا بالجفاف واختاره المحقق والمصنف فقال وفي المتابعة اختيارا فان اخر بعض الأعضاء عن بعض فجف المقدم بطل الوضوء وهذا مذهب الشيخ في الخلاف ونسبه في المعتبر إلى المرتضى في المصباح وقيل إنها المتابعة اختيار أو مراعاة الجفاف اضطرارا ويبطل بترك المتابعة اختيار أو هو ظاهر المبسوط والأقرب الأول ويدل على بطلان الوضوء في صورة الجفاف ما رواه الكليني والشيخ عن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله قال إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوءك فأعد وضوئك فان الوضوء لا يتبعض وفى الكليني حتى ينشف بدل حيت يبس وجه الدلالة ان الظاهر أن المراد من التعليل ان الوضوء الشرعي ليس أمر يتبعض ويتفرق ويؤيده ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ربما توضأت فنفد الماء فدعوت الجارية فأبطأت على بالماء فيجف وضوئي قال أعد ورواها الشيخ والكليني باسناد قوى ويمكن النزاع في كون الأول بالإعادة دالا على البطلان ولهذا جعلناها من المؤيدات ويؤيده اتفاق الأصحاب وتوقف البراءة اليقينية عليه والوضوء البياني واما ما رواه الشيخ عن حريز في الصحيح في الوضوء يجف قال قلت فان جف الأول قبل ان اغسل الذي يليه قال جف أو لم يجف اغسل ما بقى قلت وكذلك غسل الجنابة قال هو تلك المنزلة وابدء بالرأس ثم افض على ساير حدك قلت وإن كان بعض يوم قال نعم فحملها الشيخ على صورة الاضطرار وليخسف الريح العظيمة أو الحر الشديد ونقل في الذكرى ان هذا الحديث مما أسنده الصدوق إلى الصادق عليه السلام في كتاب مدينة العلم وذكر ان حملها على التقية انسب للتسوية بينه وبين غسل الجنابة في ظاهر الخبر ويدل على عدم البطلان بترك المتابعة اختيارا وكذا عدم الاثم اطلاق الآية والاخبار ويؤيد عدم البطلان ما رواه الشيخ والكليني عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم قال قال أبو جعفر عليه السلام تابع بين الوضوء كما قال الله عز وجل ابدء بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس والرجلين ولا فقد من شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به فان غسلت الذراع قبل الوجه فابدء بالوجه واعد على الذراع وان مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرجل ثم أعد على الرجل الحديث وما رواه
(٣٥)