إلى أن مقتضى الدليل الاستدامة الفعلية لكن لما تعسر ذلك أو تعذر اكتفى بالاستدامة الحكمية دفعا للحرج ولعل مراده من العزم المذكور العزم عليه كلما ذكر لا مطلقا ولكون هذا التقييد مذكورا في قواعده وتصريحه في الذكرى وغيره بأن غروب الاستدامة غير قادح في الصحة فلا يرد ان ما ذكره يقتضى بطلان عبادة الذاهل في الأثناء وهو باطل اجماعا على أن الاجماع المذكور ممنوع والمستند ما سمعته من كلام ابن زهرة ولا ان الاستدامة المذكورة هي بعينها الاستدامة الفعلية التي نفاها أو لا بل هي نفس النية إذ هي عبارة عن العزم المخصوص على أن المراد من العزم المذكور مجرد العزم على الفعل على الوجه الذي قصد أولا من غير ملاحظة سائر الخصوصيات المعتبرة في النية وكان مراد الشهيد رحمه الله من الدليل الذي جعل مقتضاه الاستدامة الفعلية خبر انما الأعمال بالنيات وفي دلالته على ذلك تأمل لأنه على تقدير تسليم ان المراد منه نفي الصحة بدون النية يجوز ان يكون المراد من الأعمال الأعمال المعهودة من الشارع كالصلاة والحج وغيرهما والاجزاء غير داخلة في ذلك الا على سبيل التضمن والدلالة التضمنية ملغاة في أمثال هذه المواضع فغاية ما يلزم وجوب تلبس العمل بالنية ومقارنته بها وهو لا يقتضي بقاءها إلى اخره فإنه غير مستفاد من الملابسة المفهومة من الباب الا ترى ان قوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب لا يقتضى الا ملابسة الصلاة بهما من غير استصحاب مستمر كما في قوله تعالى اقرا باسم ربك وقولهم بالرقاء والبنين فاورد عليه أيضا بان مقتضى الدليل على تقدير تمامه الاستدامة الفعلية بقدر الامكان لعدم الدليل الدال على الاكتفاء بالاستدامة الحكمية حتى يقال إنه بدل مخصوص فلا ينتقل إلى غيره ويمكن ان يقال قد دل الدليل على استمرار العزم مع باقي الخصوصيات وغير العزم منفي بالاجماع فيبقى العزم على المقتضى واجبا لكنه رحمه الله لم يتمسك بنفي ذلك بل بنفي الحرج وفيه ما فيه ثم إنه رحمه الله نسب (؟؟) الذي ذكرنا أولا إلى الشيخ في المبسوط وكثير من الأصحاب ثم قال وكانه بناء منهم على أن الباقي مستغن عن المؤثر وقيل إنه في رسالة الحج بنى كلا التفسيرين على أن الباقي هل هو محتاج إلى المؤثر أم لا وهو ضعف جدا فلو نوى المكلف بوضوءه التبرد خاصة من دون انضمام القربة وسائر ما يعتبر في النية أو ضم الرياء إلى التقرب بطل هذا وهو المشهور بين الأصحاب والمحكى عن ظاهر كلام السيد المرتضى القول باجزاء العبادة المنوي بها الرياء بمعنى سقوط القضاء لا حصول الثواب وهو مبني على قاعدته من عدم الملازمة بين صحته الأعمال وقبولها فبالصحة يحصل الامتثال وبالقبول يستحق الثواب والاستدلال على المشهور بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله الآية ضعيف فإنه مع المنوع السابقة يرد عليه أيضا ان ليس المراد حصر غاية كل عبادة في العبادة حال الاخلاص والا لم يصح عطف الصلاة والزكاة عليه بل المراد حصر غاية الجميع في ذلك وحينئذ يجوز ان يكون أصل العبادة غاية لبعض الأوامر والاخلاص غاية لبعضها فلا يلزم اشتراط العبادة بالاخلاص مع امكان النزاع في كون ذلك إشارة إلى الحصر المذكور جوز أن تكون إشارة إلى العبادة في حال الاخلاص فلا يلزم الوجوب في حقنا بخلاف ما لو ضم التبرد هذا الحكم مشهور بين الأصحاب لعدم منافاة الضميمة لنية القربة كنية الغازي القربة والغنيمة وقيل بالبطلان لمنافاته الاخلاص المعتبر شرعا واثبات ذلك لا يخلو عن اشكال وقال الشهيد في قواعده يحتمل ان يقال إن كان الباعث الأصلي هو القرية ثم طرأ التبرد عند الابتداء في الفعل لم يضر وإن كان الباعث الأصلي هو التبرد فلما اراده ضم القربة لم يجزو كذا إذا كان الباعث مجموع الامرين لأنه لا أولوية حينئذ فتدافعا وتساقطا والظاهر أن نية القربة إن كانت غالبة فالمتجه الصحة والا فمحل اشكال هذا كله إذا لم تكن الضمير أمرا راجحا شرعا والا فالوجه الصحة مطلقا ومن هذا الباب قصد الامام بتكبيرة الاحرام اعلام القوم وضم الصائم إلى الصوم نية الحمية وإرادة تأسي الغير به عند اظهار الخير ويقارن بها غسل اليدين المستحب لأجل الوضوء على تفصيل يأتي من كون الغسل عن النوم أو البول أو الغائط لا من الريح ولا إذا كان مستحبا بسبب اخر كما إذا أراد الوضوء بعد الاكل أو واجبا كما إذا كانت بخسة كذا ذكره بعض الأصحاب وهو مخصوص بغسل اليدين دون باقي المستحبات كالسواك والتسمية وادعى الشارح الاجماع عليه ويمكن القول بان الغسل في الصورة الأخيرة الاجل الوضوء ويؤيده ما ورد من التعليل في النائم بأنه لا يدري أين باتت يده ومن كون الغسل من ماء قليل من اناء واسع الرأس وسيأتي الكلام فيه واولى بالجواز تقديمها عند المضمضة والاستنشاق ونقل عن ابن إدريس انه جوز التقديم عند غسل اليدين في الغسل دون الوضوء بل في الوضوء ان يقارن المضمضة والاستنشاق حسب ومثل ذلك قال ابن زهرة تعليلا بأنها من مندوبات الوضوء وقال الشهيدان ذلك تحكم ونقل عن بعض أهل العلم التوقف فيهما نظرا إلى أن مسمى الوضوء الحقيقي غيرهما وللقطع بالصحة إذا قارن غسل الوجه دون غيره ويمكن تأييده بأنه ثبت توقف صحة الوضوء على نية ما وعند التقديم يحصل الشك في حصول الشرط فيجب الاخذ بالمتيقن وذلك بناء على أن التكليف إذا كان مرددا بين أمرين يجب الاخذ بما يحصل به اليقين بالبراءة وقد حققناه في غير هذا الكتاب ويمكن دفعه بان القدر الثابت اشتراط الوضوء بنية شاملة للجميع ولم يثبت أكثر من ذلك فيكون تقييد اطلاق الآية متقدرا بهذا القدر ومن هنا يظهر قولة القول بالتوسعة كما هو المشهور لكن الأحوط تأخير النية إلى ابتداء غسل الوجه وافراد المسنونات السابقة بنية واما المستحبات الواقعة في أثناء الوضوء فلا يجب التعرض لها حال النية بل يكفي نية التقرب حال فعلها والمقارنة المذكورة على سبيل الجواز والسعة لا الوجوب ويتضيق عند غسل الوجه والمراد ابتداءه إذ لو اخر عن ذلك لم يكن مجموع الفعل حاصلا بنية التقرب ولا متلبسا بالنية ويلوح مما نقلنا سابقا عن الجعفي وابن الجنيد الخلاف في ذلك وغسل الوجه بما يسمى غسلا قال الشارع الفاضل هو في اللغة امرار الماء على وجه التنظيف والتحسين وإزالة الوسخ ونحوها والمراد هنا ما يحصل معه الجريان على جميع اجزاء ما يجب غسله وأقله ان يجري جزء من الماء على جزئين من البشرة ولو بمعاون انتهى والأقرب تحديده بالعرف والظاهر أن الغسل المأمور به في الوضوء لا يحصل بدون الجريان ويؤيده ما رواه الشيخ والكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عليه السلام قال الجنب ما جرى ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد اجزاه ويحدد الجريان بالعرف واما الروايات الدالة على اجزاء مثل الدهن مثل ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الكليني باسنادين أحدهما السند السابق عن أبي جعفر عليه السلام قال انما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه وان المؤمن لا ينجسه شئ انما يكفيه مثل الدهن وما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول الغسل من لجنابة والوضوء يجزى منه ما اجرى من الدهن الذي يبل الجسد ولولا في طريق هذه الرواية غياث بن كلوب لكانت من (؟؟؟) إما غياث فلم يوثقوه في كتب الرجال ويظهر من كلام الشيخ في العدة انه عامي لكن الأصحاب يعلمون باخباره وما رواه الكليني باسناد فيه توقف عن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يأخذ أحدكم الرائحة من الدهن فيملا بها جسده والماء أوسع من ذلك وما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق بابن بكير والحسن بن علي بن فضال قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن غسل الجنابة قال افض على رأسك ثلث اكف وعن يمينك وعن يسارك انما يكفيك مثل الدهن فقد حلمها الشهيد رحمه الله على الدهن الذي يحصل معه الجريان توفيقا بينه وبين مفهوم الغسل ولان أهل اللغة يقولون دهن المطر الأرض إذا بلها بلا يسير أو يخدش الأخير ان حمل الدهن على هذا المعنى
(٢٥)