لا نفس الانقطاع ويرد عليه ان دم الاستحاضة يوجب الوضوء تارة والغسل أخرى فايجاب الوضوء خاصة تحكم قال في الذكرى وهذه المسألة لم نظفر فيها بنص من قبل أهل البيت عليهم السلام ولكن ما افتى به الشيخ هو قول العامة بناء منهم على أن حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير فإذا انقطع بقى على ما كان عليه ولما كان الأصحاب يوجبون به الغسل فليكن مستمرا ويرد عليه ان العفو ثابت للدم الخارج بعد الطهارة قبل الصلاة بمقتضى النصوص فلم يكن مؤثرا في النقض والانقطاع ليس بحدث ولو قيل النصوص مختلفة بصورة الاستمرار قلنا فحينئذ اثبات كون الدم المنقطع يوجب الوضوء يحتاج إلى دليل يدل على كونه حدثا وليس ههنا ما يصلح لذلك ولقائل أن يقول العفو ثابت له بالنسبة إلى الصلاة التي توضأت أو اغتسلت لها لا مطلقا بل ظاهر الأدلة ان الدم إذا كان كثيرا مثلا يوجب الأغسال الثلاثة فيثبت له حكمه من وجوب الغسل لأجل الصلاة الآتية وان قلت العفو بالنسبة إلى الصلاة التي تطهرت لها ولو ثبت اجماع على عدم الفرق بين الصلاتين في صورة الانقطاع يلزم استواء الصلاتين في العفو وعدمه والمسألة محل اشكال وعلى كل تقدير فالظاهر عدم الفرق بين ما إذا كان الانقطاع قبل الدخول في الصلاة أو بعده والشيخ فرق بينهما فأوجب الوضوء في الأول لان دمها حدث وقد زال العذر وظهر حكم الحدث ولم يوجب في الثاني لأنه دخلت في الصلاة دخولا مشروعا ولا دليل على ايجاب الخروج وفيه نظر لان الحدث كما يمنع من ابتداء الصلاة يمنع من استدامتها والتمسك بالاستصحاب ضعيف كما سيأتي تحقيقه في بعض المباحث الآتية وقد أشار إليه ابن إدريس ومال المحقق إلى عدم وجوب الاستيناف مطلقا لما مر من أن خروج الدم بعد الطهارة معفو عنه فلا يكون ناقضا والانقطاع ليس بحدث وقال في الذكرى لا أظن أحدا قال بالعفو عن هذا الدم الخارج بعد الطهارة مع تعقب الانقطاع انما العفو عنه مع قيد الاستمرار واعترض عليه بعموم الاذن لها في الصلاة بعد الوضوء وهو يقتضى العفو عما يخرج منها من الدم بعد ذلك مطلقا وعندي في هذا المقام تردد وتوقف الثاني الظاهر أنه لو كان انقطاع الدم بعد الطهارة انقطاع فترة إما لاعتيادها أو باخبار ثقة عارف لم يؤثر في نقض الطهارة كما قاله غير واحد من الأصحاب واطلاق كلام الشيخ يقتضى حصول النقض به مطلقا واعتبر المصنف قصور زمان الفتور عن الطهارة والصلاة فلو طالت بقدرها وجبت الإعادة فلو لم تعدها وصلت فاتفق العود قبل الفراغ على خلاف العادة وجب عليها إعادة الصلاة الثالث ذكر الأصحاب انه يجب على المستحاضة الاستظهار في منع الدم من التعدي بقدر الامكان استنادا إلى أن الامر بالاحتشاء والاستثفار الذي ورد به النقل واستثفار الثياب هو ان يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه قال ابن الأثير وفى المغرب استثفر المصارع ازاره وبإزاره إذا اتزر به ثم رد طرفيه بين رجليه فعرزهما في حجزته من خلفه قال واما حديث جهة استثفرى فالاستثفار ثمة مثل التلجم قال وكيف ما كان فهو من الثفر بالتحريك وهو من السرج ما يجعل تحت ذنب الدابة انتهى وبالجملة المراد بالاستثفار ههنا التلجم تشتد خرقة على وسطها كالتكة وتأخذ خرقة أخرى وتعقد أحد طرفيها بالأولى من قدام وتدخلها بين فخذيها وتعقد الطرف الآخر من خلفها بالأولى قاله الشارح الفاضل وغيره وبنحو منه فسر ابن الأثير الاستثفار الواقع في حديث المستحاضة وكذا يلزم الاستظهار في منع التعدي على السلس والمبطون لبعض الروايات الدالة على ذلك والظاهر عدم وجوب تغيير الشداد عند كل صولة في السلس والمبطون وكذا الظاهر عدم وجوب شد الجروح والدماميل التي لا ترقى قال في المعتبر ولا يجب على من به السلس أو به جرح لا يرقى ان يغير الشداد عند كل صلاة وان وجب ذلك في المستحاضة لاختصاص الاستحاضة بالنقل والتعدي قياس وتبعه في ذلك بعض الأصحاب وهو يدل على نص يدل على تغيير الشداد في المستحاضة ولم اطلع عليه وقال المصنف في النهاية ولو خرج الدم بعد الشد فإن كان لغلبته لم يبطل الوضوء وإن كان لتقصيرها في الشد بطل وكذا لو زالت العصابة الضعف الشد وزاد خروج الدم بسببه ولو اتفق ذلك في الصلاة بطلت وللتأمل فيما ذكره مجال وكذا فيما ذكره بعض الأصحاب من وجوب الاستظهار المذكور في أثناء النهار للصوم واما النفاس فدم الولادة معها أو بعدها لا قبلها النفاس بالكسر ولادة المراة يقال نفست ونفست بضم النون وفتحها مع كسر الفاء وفى الحيض بفتح النون قاله الهروي وقد تكرر ذكرها بمعنى الولادة والحيض وهو مأخوذ إما من النفس وهو الدم وانما سمى بذلك لان النفس التي هي اسم لجملة الحيوان قوامها بالدم واما من خروج النفس يعنى الولد واما من تنفس الرحم بالدم واعتمد في المغرب على الأول وأنكر الأخيرين وقد نقل في عرف الفقهاء إلى الدم الخارج بعد الولادة أو معها على المشهور بين الأصحاب قاله الشيخ في المبسوط والخلاف ومن تبعه وقال المرتضى النفاس هو الدم الذي تراه المراة عقيب الولادة ونحوه كلام الشيخ في الجمل و المصنف في المختصر جمع بين القولين فقال والظاهر أنه لا منافاة بينهما فان كلام الشيخ محمول على الغالب لان النفاس يجب ان يكون عقيب الولادة وبالجملة فالدم الذي رأته المراة عند الطلق قبل ظهور الولد فليس بنفاس باتفاقنا على ما حكاه بعض الأصحاب بل هو استحاضة ان قلنا بان الحيض لا يجتمع مع الحبل والا فحيض وهل يعتبر تخلل أقل الطهر بينه وبين النفاس فيه وجهان أظهرهما العدم كما اختاره المصنف في التذكرة والمنتهى وما رأته بعد الولادة فهو نفاس بالاتفاق أيضا على ما حكى وما رأته مع الولادة ففيه الخلاف السابق والظاهر أنه نفاس أيضا لحصول المعنى المشتق منه وخروجه بسبب الولادة فيشمله عموم الأدلة ويصدق المعية بمقارنة خروج ما يعد ادميا وهو ظاهرا وخروج مبدأ نشوا دمى وإن كان مضغة على اليقين ذكره الفاضلان ومن تبعهما وهو متجه ان صدق الولادة معه إما النطفة والعلقة وهي القطعة من الدم الغليظ فقد قطع جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان في المعتبر والمنتهى بعدم ترتب الحكم عليها وفى الذكرى لو فرض العلم بكون العلقة مبدأ نشوء انسان بقول أربع من القوابل كان نفاسا قال والنطفة أبعد ونقل الشارح الفاضل عن بعض المحققين التوقف فيه لانتفاء التسمية ثم قال ولا وجه له بعد فرض العلم وفيه ان العلم بكونه مبدأ نشوء انسان لا يستلزم تسمية ولادة عرفا أو لغة والظاهر أنه يتحقق المعية بخروجه مع جزء وإن كان منفصلا ولاحد لأقله بل يجوز ان يكون لحظة وقد حكى اتفاق الأصحاب على ذلك إذ لا تحديد له في الشرع وقد روى الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام انه سئل عن النفساء قال تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط وذكر اللحظة لا يفيد التقدير بل مبالغة في القلة كقوله عليه السلام تصدقوا ولو بتمرة ولو بشق تمرة ويجوز ان يخلو الولادة عن الدم ولا نفاس حينئذ لأصالة البراءة عن ترتب الاحكام عليه واختصاص الأدلة بغيره وقد حكى بعضهم اتفاق الأصحاب على ذلك وأكثره عشرة أيام للمبتدأة في الحيض والمضطربة العادة في الحيض إما بنسيانها عددا ووقتا وعددا وان ذكرت الوقت إما ذات العادة المستقرة في الحيض فأيامها اختلف الأصحاب في أكثر مدة النفاس فذهب الشيخ في النهاية إلى أنه عشرة أيام وهو المحكي عن علي بن بابويه وأبى الصلاح وابن البراج واختاره ابن إدريس ونسبه في المبسوط إلى أكثر الأصحاب وقال المفيد رحمه الله في المقنعة وأكثر النفاس ثمانية عشر يوما ثم قال قد جاءت الاخبار معتمدة ان أقصى مدة النفاس عشرة أيام وعليها اعمل لوضوحها عندي وقال السيد المرتضى انها ثمانية عشر يوما واليه ذهب ابن بابويه في كتابه وهو المنقول عن ابن الجنيد وسلار وقال ابن أبي عقيل في كتابه المتمسك على ما حكاه المحقق في المعتبر أيامها عند آل الرسول عليهم السلام أيام حيضها وأكثره أحد وعشرون يوما فان انقطع دمها في تمام حيضها صلت وصامت وان لم ينقطع صبرت ثمانية عشر يوما ثم استظهرت بيوم أو يومين وإن كانت كثيرة الدم صبرت ثلاثة أيام ثم اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت قال المحقق وقد روى ذلك البزنطي في كتابه عن جميل عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام وحكى الشيخ في المبسوط ان ما زاد على الثمانية عشر لا خلاف بين الأصحاب ان حكمه حكم الاستحاضة وحكى ابن إدريس عن السيد المرتضى أنه قال في مسائل خلافه عندنا ان الحد في نفاس المراة أيام حيضها التي تعهدها وقد روى أنها تستظهر بيوم أو يومين وروى في أكثره خمسة عشر يوما وروى أكثر من ذلك والا ثبت ما تقدم وذهب جماعة من الأصحاب منهم المصنف في عدة من كتبه والشهيد في الذكرى والدروس إلى أن ذات العادة المستقرة في الحيض تتنفس بقدر عادتها والمبتدأة والمضطربة بعشرة أيام وذهب في المختلف إلى أن ذات العادة ترجع إلى عادتها والمبتدأة ثمانية عشر يوما وقال الشهيد في البيان وأكثره للمعتادة عادتها ولغيرها عشرة ثم قال ولو كانت مبتدأة وتجاوز العشرة فالأقرب الرجوع إلى التمييز ثم النساء ثم العشرة والمضطربة إلى العشرة مع فقد التمييز واختلف الروايات في هذا الباب اختلافا فاحشا فكثير منها يدل على أن أيام النفاس هي أيام الحيض فمنها ما رواه
(٧٧)