ينفعل في الاستدلال عليه واما الاستدلال بقوله تعالى فتيمموا صعيدا فضعيف لوجوبه إن كان واجبا أو ندبه إن كان مندوبا والكلام في ذلك كما مر في مبحث الوضوء متقربا وقد مر الكلام في ذلك ولا يجوز دفع الحدث هذا هو المشهور ونقل الاجماع عليه وجوز الشهيد رحمه الله نية الرفع إلى غايته معينة ومنعه الشارح الفاضل وأطلق فيه والتحقيق ان الحدث يطلق على معان الأول الامر المقتضى للحالة المقتضية للطهارة كالنوم الثاني الحالة المقتضية للطهارة وهي المعلولة للامر الأول الثالث حالة لا يباح معها الدخول في الصلاة إذا عرفت هذا فاعلم أن نية رفع الأمر الأول غير معقول أصلا وذلك ظاهر واما الثاني فيرتفع في الطهارة المائية بالكلية وانما يكون تجدده بسبب حدث اخر واما في الطهارة الترابية فلا يرتفع إذ المراد بارتفاعها زوالها بحيث لا يحصل الا لحدث آخر وليس الامر هناك كذلك لأنه إذا وجد الماء تجب الطهارة وليس وجود الماء حدثا نقل الاجماع على ذلك المحقق بل الحدث الأول كان باقيا وانما تخلف ايجابه للطهارة المائية لفقد الماء فإذا حصل الماء حصل ايجابه لها فان قلت إن كان المراد بالحدث بالمعنى الأول الامر الموجب للطهارة على أي تقدير وجد لم يكن البول مثلا حدثا لان لحصوله ومن دائم الحدث لا يوجب الطهارة وإن كان المراد أعم من ذلك فلم لا يجوز ان يكون وجود الماء للمتيمم حدثا لإيجابه في بعض الأوقات قلت لنا ان يخصص مفهوم الحدث بمعنى يشمل الاحداث ونخرج الماء بإضافة بعض القيود إذ لا مشاحة في ذلك صونا لما نقلوا عليه الاجماع عن التغيير واما المعنى الثالث فيرتفع في الطهارة الترابية إلى أمد معين فيصح نيته وعلى هذا فالظاهر أن النزاع لفظي فان من منع من نية رفع الحدث أراد نية رفع المعنى الثاني والمعنى الثالث وأراد برفعه زواله بالكلية إلى حدث اخر ومن جوز ذلك إلى أمد معين فقد قصد المعنى الثالث والكل صحيح في المعنى ويجوز الاستباحة ينبغي حمل الجواز على المعنى الأعم حتى لا ينافي المعهود من مذهب المصنف من وجوبها والكلام فيه أيضا كما في الوضوء وهل يجب نية البدلية عن الوضوء أو الغسل حيث كان بدلا عنه فيه أقوال الأول الوجوب واليه ذهب الشيخ في الخلاف وعليه بنى ما لو نسى الجنابة وتيمم للحدث انه لا يجزى لكنه ذكر في المسألة فان قلنا متى نوى بتيممه استباحة الصلاة من حدث جاز الدخول في الصلاة وكان قويا قال والأحوط الأول وذكر ان لا نص للأصحاب في مسألة النسيان الثاني عدم الوجوب والثالث التفضيل باعتبار ذلك أن قلنا باتحادهما واليه يميل كلام الشهيد رحمه الله ونقله عن المحقق وكلامه غير دال على عدم الأجزاء على القول بالتفضيل لفوات نية البدلية بل لعدم تحقق الضربتين المعتبرتين فيما كان بدلا من الغسل ويتفرع عليه انه لو ذكر الجنابة بعد النية وضرب مرة ثانية للسيدين اجزاه كما لو قلنا بالاتحاد والأقرب عدم الاعتبار مطلقا لاطلاق الآية وعموم الاخبار نعم يشترط في الفرع المذكور أن تكون الضربة الثانية بنية صحيحة وقد يستدل على الأول باشتراط التمييز وهو ضعيف واختلف الأصحاب في وقت النية فذهب الأكثر إلى أنه عند الضرب على الأرض وبه قطع المصنف في المنتهى وجوز في النهاية تأخيرها إلى حين مسح الجبهة تنزيلا للضرب منزلة اخذ الماء في الطهارة المائية والأول أقرب لان الضرب أحد الواجبات المتعلقة للخطاب فتحتاج إلى النية بخلاف اخذ الماء فان وجوبه من باب المقدمة إذا توقف الغسل عليه ولهذا لو غمس العضو في الماء لم يجب الاخذ بخلاف مسح الجبهة مثلا في التراب فإنه غير مجز قطعا ويتفرع على القولين ما لو أحدث بعد الضرب وقبل مسح الجبهة فعلى الثاني لا يستأنف دون الأول وهو الأصح لان مقتضى الحدث المنع من الصلاة إلى أن يثبت المبيح وحصول الإباحة بمجرد المسح غير معلوم لجواز ان يكون المسح المجموع المركب منه ومن الضرب وجزم المصنف في النهاية بعدم بطلان الضرب بذلك مع اعترافه بان أول أفعال التيمم المفروضة الضرب وفيه ما فيه مستدامة الحكم إلى اخر التيمم بمعنى انه لا ينوى في الأثناء نية تنافى النية الأولى أو بعض مميزاتها فلو نوى المنافى احتاج إلى تجديد النية للثاني ان لم يفعل بنية منافية والا كان البطلان مبنيا على اشتراط الموالاة وعن المصنف في النهاية وجوب استدامتها فعلا إلى مسح الجبهة فلو غربت قبله بطل ودليله غير معلوم وقد مر تحقيق الاستدامة الحكمية في مبحث الوضوء ثم يضرب بيديه على التراب لم اطلع على خلاف بين الأصحاب في وجوبه وشرطيته فلو استقبل العواصف حتى لصق صعيدها بوجهه ويديه لم يجزه ويدل عليه موثقة زرارة على المشهور قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيده الأرض ثم رفعها الحديث ورواية ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام في التيمم قال تضرب بكفيك الأرض وغيرها من الأحاديث وتحقيق هذه المسألة يحتاج إلى بيان أمور الأول معظم الأصحاب عبروا بلفظ الضرب وهو الوضع المشتمل على اعتماد يحصل به مسماه عرفا فلا يكفي الوضع المجرد عنه وبعضهم عبر بلفظ الوضع كالشيخ في النهاية وفى الذكرى الظاهر أن الضرب باعتماد غير شرط لان الغرض قصد الصعيد وهو حاصل بالوضع وبه جزم المدقق الشيخ على مستدلا بان اختلاف الاخبار وعبارات الأصحاب في التعبير بالضرب والوضع يدل على أن المراد بهما واحد والأقرب الأول لورود الامر بالضرب في عدة اخبار معتبرة كقوله عليه السلام في رواية زرارة تضرب بيديك ثم تنفضهما وصحيحة إسماعيل بن همام التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين ورواية ليث السالفة وغيرها ولا ينافي ذلك ما ورد في بعض الأخبار المتضمنة لوصف تيمم النبي صلى الله عليه وآله من أنه اهوى بيده إلى الأرض فوضعهما على الصعيد وما يقرب منه من الاخبار لان الوضع أعم من الضرب ونقل وقوع الأعم لا يستلزم صحة جميع افراده ومن هذا ظهر اندفاع احتجاج المدقق الشيخ على ولو نوقش في كون الوضع أعم من الضرب بناء على أنه يفهم عرفا من الوضع معنى مباينا للضرب كان اللازم أيضا حمل الوضع على المعنى الأعم وإن كان مجازا صونا للاخبار الكثيرة الدالة على الضرب من التأويل فان ارتكاب التأويل في الأقل أولي ولكون هذا الحمل أقرب من حمل الأخبار الدالة على الضرب على الاستحباب أو الضرب فيها على الوضع ولكون ارتكاب التأويل في كلام الراوي أولي من ارتكابه في كلام الإمام عليه السلام فان لفظ الوضع واقع في كلام الراوي حكاية عن فعله عليه السلام الا في خبر واحد على الظاهر من احتمالين ويؤيد ذلك الشهرة ووجوب تحصيل البراءة اليقينية واما ما ذكره الشهيد رحمه الله من الحجة فجوابه ان الآية يحتمل وجهين الأول ان يكون المراد معناه الظاهر أي القرب من الصعيد والتوجه إليه ويكون وجوب الوضع أو الضرب معلوما من السنة الثاني ان يكون المراد منه خصوص الوضع أو الضرب مجازا لكن اليقين انما يحصل بدليل خارجي فالحكم بكونها شاملة للوضع مطلقا محل تأمل الثاني ظاهر الأصحاب انه يشترط في وضع اليدين ان يكون دفعة فلو ضرب بإحدى يديه واتبعه بالأخرى لم يجز ويدل عليه ان المفهوم من قوله عليه السلام تضرب بكفيك في خبر ليث وتضرب بيديك في خبر زرارة وقوله فضرب بيديه في صحيحة زرارة وغيرها ذلك الا ترى انه إذا قيل اضرب بيديك على فلان لم يمتثل الا بضربهما معا في زمان واحد وربما يفهم ذلك من قوله عليه السلام ضربة واحدة للوجه ويمكن الاستدلال عليه بوجه آخر سنشير إليه الثالث يجب وضع باطنهما مبسوطا صرح به المفيد وابن إدريس والشهيد والظاهر أنه مراد الباقين وألفاظ الاخبار وإن كانت عامة لكن يبعد ان يكون تبادر ذلك منها مع عمل الأصحاب وتوقف البراءة عليه وكون المعلوم من عملهم عليهم السلام ذلك كافيا في التخصيص ويمكن الاستدلال عليه بوجه آخر سنشير إليه في مسألة وجوب الترتيب والبدأة بالأعلى نعم لو تعذر الضرب بباطن اليدين لم يبعد وجوبه بظاهره لعموم بعض الأدلة الرابع يشترط كون المضروب عليه من جنس الأرض فلا يكفي غيرها ولا فرق بين كونه على الأرض وغيرها بل لو كان التراب على بدنه أو على بدن غيره اجزاء الضرب عليه ولو كان على وجهه تراب صالح للضرب لم يبعد ان يكون مجزيا في الضرب لحصول الامتثال وربما يقال بعدم الأجزاء لان ذلك غير المعهود من صاحب الشرع الخامس المشهور انه لا يجب علوق شئ من التراب باليد والمسح به ونقل المحقق عن المرتضى التصريح بذلك وانه لا يعرف لأصحابنا في هذا نصا وبعضهم نقل عن ظاهر ابن الجنيد انه يجب المسح بالمرتفع على اليد من التراب حجة الأول وجوه الأول عدم الدليل فيكون منتفيا بالأصل الثاني اجماع الأصحاب على استحباب نفض اليدين من التراب بعد الضرب وورود الأخبار الصحيحة به ولو كان العلوق معتبر الماء وقع الامر بإزالته الثالث ثبت ان الصعيد وجه الأرض لا التراب فسقط اعتبار العلوق الرابع ان الضربة الواحدة كافية ولو كان المسح بالعالق معتبرا لما حصل الاكتفاء بها لان الغالب عدم بقاء العالق لليدين ويمكن الجواب عن الأول بما سيجيئ من الدلالة على وجوب العلوق والمسح به وعن الثاني بان الغرض عن النفض ليس إزالة العالق بالكلية لان الأجزاء الصغيرة الغبارية اللاصقة لا يخلص بأجمعها بمجرد النقض من غير مبالغة وليس في الاخبار ما يدل على المبالغة في النفض بحيث لا يبقى شئ منها بل وقع الامر بالنفض المطلق ولعل الفرض منه تقليل ما عسى ان يصير موجبا لتشوية الوجه من الأجزاء الترابية
(١٠٢)