الآتي ولما ذكره ابن إدريس في المجمل حيث قال هو عظم طرف الساق عند ملتقى القدم والساق وقال أبو عبيدة الهروي في الغريبين وكل شئ علاء وارتفع فهو كعب ونحوه قال ابن الأثير أيضا الكعبان العظمان الناتيان عند مفصل الساق والقدم عن الجنبين وذهب قوم إلى انها العظمان اللذان في ظهر القدم وهو مذهب الشيعة ومنه قول يحيى بن الحرث رأيت القتلى يوم زيد بن علي فرأيت الكعاب في وسط القدم بل يظهر من الصحاح والمغرب ان القول بان الكعب في ظهر القدم قول شائع بين الناس حيث قالا وأنكر الأصمعي قول الناس انه في ظهر القدم ونقل الشهيد في الذكرى عن العلامة اللغوي عميد الرؤساء انه صنف كتابا في تحقيق الكعب وأكثر في الشواهد على أن الكعب هو الناشز في ظهر القدم امام الساق حيث يقع معقد الشراك من النعل وقال الشهيد أيضا لغوية الخاصة متفقون على أن الكعب ما ذكرنا ولغوية العامة مختلفون ثم ذكروا من أحسن ما ورد في ذلك ما ذكره أبو عمر الزاهد في كتاب فائت الجمهرة قال اختلف الناس في الكعب فأخبرني أبو نصر عن الأصمعي انه الناتى في أسفل الساق عن يمين وشمال وأخبرني سلمة عن الفراء قال هو في مشط الرجل وقال هكذا برجله قال أبو العباس فهذا الذي يسميه الأصمعي الكعب هو عند العرب المنجم قال وأخبرني سلمة عن الفراء عن الكسائي قال قعد محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام في مسجد كان له وقال هيهنا الكعبان قال فقالوا هكذا ولكنه هكذا وأشار إلى مشط رجله فقالوا له ان الناس يقولون هكذا قال في القاموس المشط سلاميات ظهر القدم وقال في الصحاح السلاميات عظام الأصابع وفى القاموس السلامي عظام صغار طول إصبع وأقل في اليد والرجل في سلاميات شئ وعظام المشط على ما يستفاد من كتب التشريح عظام يتصل بها عظام الأصابع فإنهم ذكروا ان القدم مركبة من ستة وعشرين عظما راجعة إلى أقسام ستة عظم الكعب وعظم العقب وهو عمدة الساق وكالأساس له والعظم الرواني وعظام أربعة للرسغ انها تتصل عظام المشط وعظام خمسة للمشط بها تتصل الأصابع وأربعة عشر عظما للأصابع فقد ظهر مما تلونا عليك ان المعنى الذي ذكره المصنف أبعد بحسب اللغة ولم اطلع عليه الا في القاموس حيث ذكره من جملة معانيه فقال وكل مفصل للعظام يسمى كعبا وفى التفسير الكبير لفخر الدين الرازي حيث نقل من حجة الامامية ان المفصل قد يسمى كعبا مع اشعار هذه العبارة بقلة الاطلاق والمعنى المذكور في الكتابين أعم من المفصل المقصود هيهنا ثم اعلم أن الشيخ بها الملة والدين رحمه الله قد تصدى لانتصار مذهب المصنف وأكثر من التشيع على منكر به وبالغ في ذلك حتى ظن أنه الحق الذي لا ريب فيه والصدق الذي لا شبهة يعتريه والنص الصحيح بذلك شاهد وكلام الأصحاب عليه مساعد وما ذكره المشرحون يدل عليه وما اورده المحققون من أهل اللغة يرشد إليه وكلام العامة صريح في نسبة هذا القول إلينا ثم فصل هذا الاجمال وتلخيص كلامه ان الكعب يطلق على معان أربعة الأول ما ذكر الثاني المفصل الثالث عظم مستدير عند ملتقى الساق والقدم تحت عظم الساق له زائدتان ناتيتان داخلتان في حفرتي قصبتي الساق الرابع الناتيتان عن طرفي الساق وهو الكعب عند العامة ومراد العلامة المعنى الثالث ولهذا قد يعبر عنه بالمفصل وقد يعبر عنه بمجمع الساق والقدم وقد يعبر عنه بالعظم الناتى وحديث الأخوين صريح في هذا المعنى غير قابل للتأويل والروايتان المنقولتان عن ميسر غير آب عن الحمل عليه فان العظم المذكور في القدم وعبارات الأصحاب أيضا لا تأبى عن الحمل عليه فإنه في وسط القدم وله نتو في الواقع وإن كان خفيا عن الحس بل عبارة ابن الجنيد صريح في المدعى وأهل اللغة صرحوا بأن المفاصل التي بين أطراف الأنابيب ويسمى كعابا قال في الصحيح كعوب الرمح النواشز في أطراف الأنابيب وقال في المغرب الكعب العقدة بين الانبوبين في القصب وقال أبو عبيدة الكعب هو الذي في أصل القدم ينتهى إليه الساق بمنزلة كعاب القناة وذكره صاحب القاموس وذكر الرازي في تفسيره ان المفصل يسمى كعبا وأسنده جماعة من العامة كالرازي والنيشابوري وصاحب الكشف إلى الامامية وهو المعنى الذي بحث عنه علماء التشريح هذا ملخص كلامه وعندي انه افراط في القول فان العظم المستدير المذكور أمر خفى لا يعرفه الا أرباب التشريح فيستبعد ان يكون هو المراد بالكعب المعرف باللام في الآية واما قوله رواية الأخوين صريح في هذا المعنى غير قابل للتأويل فقد عرفت ما فيه بل يمكن ان يقال الرواية تنفيه لأن الظاهر من سياق الخبر ان إشارته عليه السلام كان إلى جانب اخر غير جانب عظم الساق أي الناتيين من الجانبين مع أن العظم المستدير المذكور في وسطهما بحيث احتويا عليه من أكثر الجوانب فتكون الإشارة إليه عين الإشارة إليهما في أكثر الأحيان وقوله لعدم أبا الروايتين عن الحمل عليه لكونه في ظهر القدم مدفوع لان العظم المذكور تحت قصبة الساق بحيث دخل زائدتاه في حفرتي قصبتي الساق وهو موضوع بين الطرفين الناتيين من قصبتي الساق اللذين يسميهما الناس الكعبين وهذا الطرفان يحتويان عليه من جوانبه أي من أعلاه وقفاه وجانبيه الانسى والوحشي صونا له من الانخلاع صرح به الآملي في شرح القانون فالقول بكون مثله في ظهر القدم بعيد ولهذا قال في الصحاح والمغرب وأنكر الأصمعي قول الناس انه في ظهر القدم مع أن القول بان الكعب هو العظم المستدير المذكور منسوب إلى الأصمعي كما ذكره الرازي وغيره ونسبه رحمه الله إليه وكذا قوله عبارات الأصحاب غير آبية عن الحمل عليه مدفوع لأن الظاهر أن الكعب بالمعنى الذي ذكره ليس في ظهر القدم كما ذكرنا والظاهر من الناتى الناتى بحسب الحس ويؤيده انهم قالوا العظمان الناتيان معرفا باللام المشير إلى العهد والحضور في الأذهان وما ذكره معنى خفى غير معروف فيستبعد فيه التقريب وأيضا الظاهر من وسط القدم وسطه الطولى لا العرضي مع أن العظم المذكور ليس معقدا للشراك فإنه نحت الساق وقول المفيد رحمه الله في خلاف ما ادعاه بحيث لا يحتمل غيره والشيخ في التهذيب حيث شرح كلام المفيد نقل الاجماع على أن الكعب هو المعنى الذي ذكره المفيد رحمه الله والمحقق صرح بأنه الناتى في مشط القدم مع ادعائه اجماع أهل البيت واما عبارة ابن الجنيد فقد عرفت الكلام فيها واما الاستشهادات اللغوية التي تمسك بها فعندي انها غير دالة على مدعاه فان ما نقل من الصحاح والمغرب لا يدل على أن كل مفصل يسمى كعبا لجواز ان يكون اطلاق الكعب على النواشز بين أطراف الأنابيب باعتبار نشوزها لا كونها مفاصل بل ذلك أقرب باشتقاقه واما عبارة أبى عبيدة فغير دالة على مدعاه فإنه يجوز ان يكون محمولة على الناتى عن طرفي الساق ولذا احتج بها العامة على اثبات مرامهم والمصنف وغيره حيث نقلوا هذا الاحتجاج عنهم لم يعترضوا بعدم الدلالة بل ذكروا ان ذلك دال على تسميته كعبا لا على حصر معنى الكعب في ذلك مع أنه يحتمل الحمل على المعنى الذي ذكرنا كما ادعاه بعض الفضلاء واما صاحب القاموس فموضع الاستشهاد من كلامه في جملة معاني الكعب والذي يلعب به وهو غير دال على ما ذكروه بل الظاهر أن المراد به ما يلعب به أصحاب النرد ويؤيده قول ابن الأثير في النهاية حيث قال الكعاب فصوص النرد واحدها كعب وكعبة واللعب بها حرام واما الرازي فحيث أسند إلى الامامية القول بأن الكعب هو العظم المستدير ذكر في جملة ما نقل من احتجاجهم ان المفصل يسمى كعبا وإذ قد عرفت ان هذه النسبة خطأ عرفت ضعف الاستشهاد بكلامه ونسبة جمع من العامة هذا المذهب إلى الأصحاب مع مخالفته لصريح عباراتهم ومعارضة نسبة فرقة منهم إلى الأصحاب خلافه غير معتبرة وكذا تسمية علماء التشريح ذلك كعبا لا عبرة به إذا خالف ما ذكرنا من الأدلة والشواهد فقد ظهر بما ذكرنا ان الأقرب في هذه المسألة هو القول المشهور لكن ينبغي الاحتياط ان لا يترك ويمكن الجمع بين الروايات بان يقال الكعب يبتدئ من مبدء العظم الناتى على ظهر القدم وينتهى إلى المفصل والإشارة إلى المفصل في رواية الأخوين باعتبار انه ينتهى إليه الكعب واطلاق الكعب على الناتى على ظهر القدم في غيرها من الروايات باعتبار كونه مبدأ الكعب وحينئذ يرتفع ثمرة الخلاف ان قلنا بوجوب ادخال الكعب وبهذا الوجه يمكن تأويل كلام المصنف بوجه يطابق المشهور ويجوز المسح على الرجلين منكوسا بان يبتدأ
(٣٣)