بعد ما كان فارغا ولم يعلم هل حصل اليقين بالاكمال أولا أم لا فان قام من مكانه واشتغل بشئ من اخر فكذلك للاخبار السالفة وإن كان جالسا على حالته الأول فمقتضى كلام من أشرنا إليهم من المتأخرين انه كذلك وبعض الأخبار السابقة لا يخلو عن دلالة عليه ويلوح من كلام المفيد والشيخ في النهاية وابن زهرة بل ابن إدريس أيضا انه يعتبر اليقين أولا وطريق الاحتياط واضح ولو جدد الوضوء ندبا احترز بذلك عما جدده وجوبا بالنذر وشبهه فإنه يرفع الحدث عند المصنف في هذا الكتاب لأنه لم يشترط نية الرفع أو الاستباحة ثم ذكر بعد الصلاة الواقعة بعدهما اخلال عضو من أحدث الطهارتين مع جهل التعيين أعاد الطهارة والصلاة لامكان ان يكون الخلل في الأولى فتكون الثانية واقعة على غير وجهها الواقعي فيكون باطلا الا مع ندبية الطهارتين بان توضأ قبل حصول السبب ثم جدد الوضوء ندبا ثم دخل الوقت فصلى به ثم ذكر الاخلال المجهول فان الصلاة صحيحة حينئذ لحصول الجرم سلامة أحد بهما وتحقيق المسألة ان يقال إذا توضأه المكلف وضوء رافعا للحدث فرضا أو نقلا ثم جدد وضوء اخر بنية الندب أو الوجوب ثم ذكر الاخلال بعضو من أحدهما فلا يخلو ما ان يكتفى القربة في نية الوضوء أم لا فعلى الأول صح وضوءه وصلاته مطلقا وكذا ان قلنا برفع المجدد الحدث كما سنبين وعلى الثاني ان اعتبرنا الوجه مع ذلك من دون أحد الامرين فإن كان الوجه الملحوظ معتبرا على تقدير فساد الأولى كما إذا توضأ ندبا قبل دخول الوقت للتهيؤ مثلا ثم جدد ندبا كذلك فهو كالسابق في الصحة وان لم يكن معتبرا على التقدير المذكور كما إذا توضأ واجبا ثم جدد ندبا فوجهان ناشئان من عدم اشتمال الثاني على الوجه المعتبر لو كان الخلل في الأول ومن كون المكلف مأمورا بايقاع الفعل على الوجه الذي يعتقد كون الفعل عليها دون الامر الواقعي إذ ليس مناط التكليف الواقع وان اعتبرنا نية الرفع أو الاستباحة فان قلنا باشتراط أحدهما عند المكنة بان يكون ذاكرا لوجود الحدث لا مطلقا فالظاهر الصحة أيضا لاشتمال إحدى الطهارتين على جميع ما يعتبر فيها؟؟؟؟؟ ولعل الشيخ نظر إلى ذلك حيث اختار في المبسوط الصحة مع قوله فيه باشتراط أحد الامرين في النية أو نظر إلى أن الغرض من شرعية التجديد تدارك خلل السابق لو اشتمل عليه فاندفع عنه ما يعزى إليه من المناقضة وان قلنا بتوقف صحة الصلاة على الوضوء المشتمل على نية أحدهما مطلقا كما اختاره ابن إدريس وادعى اجماع الأصحاب عليه وهو الذي يقتضيه الدليل المشهور على وجوب نية الاستباحة ان تم فيحتمل البطلان لجواز ان يكون الخلل في الطهارة الأولى ولا تكفى الثانية لعدم اشتمالها على أحد الامرين المذكورين ويحتمل الصحة كما اختاره المصنف في المنتهى بناء على كونه داخلا في الشك بعد الفراغ فصح الأولى ونقله الشهيد رحمه الله في البيان عن السيد جمال الدين بن طاوس واستوجهه العلامة وقد يقال فرق بين الصورتين بان اليقين هنا حاصل في الترك وانما حصل الشك في موضعه بخلاف الشك بعد الفراغ فإنه لا يقين فيه أصلا والمتبادر من الاخبار المتضمنة لعدم الالتفات إلى الشك بعد الفراغ الوضوء المتجدد الذي حصل الشك فيه بعد الفراغ منه وهو متجه لا يقال انساق بعض الافراد إلى الأذهان وتبادر الافهام إليه لا يوجب تخصيص العمومات باخراج الباقي عنها لأنا نقول قد أشرنا سابقا إلى أن النظر في الاخبار المنقولة عنهم عليهم السلام انما يكون مقصورا على الافراد الغالبة الشائعة لا مطلقا كما يفصح عنه التتبع ويؤيد الصحة مطلقا قوله عليه السلام في رواية ابن بكير السالفة إذا استيقنت انك توضأت فإياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك قد أحدثت ويؤيده ما يقال من أن الظاهر من فحاوي الاخبار ان شرعية المجدد انما هو لاستدراك ما وقع في الأول من الخلل لكن ذلك لم يثبت عندي ويؤيده أيضا ما رواه ابن بابويه في الفقيه من اجزاء غسل الجمعة من غسل الجنابة مع نسيانه ويناسيه ما اتفق عليه الأصحاب من اجزاء صوم يوم الشك بنية الندب عن الواجب وما ورد من استحباب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما عساه فات من الأغسال الواجبة ونحو ذلك واعلم أنه لا خلاف بينهم في شرعية التجديد ونقل دعوى الاجماع على ذلك من جماعة منهم واختلفوا في حصول الإباحة به لو ظهر فساد السابق فقال بذلك الشيخ في المبسوط وقواه في الدروس ووجهه في المعتبر لكن قيده بما إذا قصد ايقاع الصلاة على الوجه الأكمل لكونه فضيلة لا تحصل الا به ومنهم من أنكر ذلك والأقرب مختار المبسوط لما ذكرنا والتفصيل ان الوضوئين إما واجبان أو مندوبان أو بالتفريق وعلى كل تقدير فالثاني إما ان يكون مجددا أم لا فالصور ثمان الأولى ان يكونا واجبين والثاني غير مجدد كما لو توضأ للفريضة بعد دخول وقتها ثم ذهل عنه وتوضأ وضوء واجبا أو تيقن الحدث وشك في الطهارة أو تيقنهما وشك في الماخر فتوضأ ثم ذكر الوضوء متأخرا عن الحدث والظاهر عدم وجوب الإعادة في الصورة المذكورة بالاتفاق الثانية ان يكونا واجبين والثاني مجدد واجب كما لو نذر التجديد فان اكتفينا بالقربة أو بالقربة مع الوجه فالوجه الصحة والا فالتفصيل الذي ذكرنا سابقا الثالثة ان يكونا مندوبين والثاني غير مجدد كما لو توضأ قبل دخول الفريضة للتأهب أو الصلاة نافلة ثم ذهل عنه قبل دخول الفريضة فتوضأ كذلك وحكمه كالأول ولو توضأ قبل دخول الفريضة ندبا ثم دخل الفريضة فصلى ثم ذهل عن الوضوء فتوضأ ندبا للتأهب لفريضة أخرى ففيه اشكال ينشأ من أنه لو كان الخلل في الوضوء الأول لم يبرأ ذمته عن الصلاة الواجبة التي صلى به فلم يكن الوضوء الثاني مشتملا على الوجه الواقعي ومن اشتماله على الوجه الذي يعتقده الرابعة ان يكونا مندوبين والثاني مجدد فلا يخلو إما ان يكون وقوع الثاني قبل اشتغال الذمة بالغاية الواجبة أم لا وعلى الأول فالوجه الصحة بناء على الاكتفاء بالقربة أو هي مع الوجه وعلى الثاني ففيه وجهان من حيث النظر إلى الظاهر أو الواقع الخامسة ان يكون الأول مندوبا والثاني مجدرا واجبا كما لو نذر التجديد والحكم فيه كالثانية وهو وقع الثاني في وقت براءة الذمة عن الواجب أمكن في الحكم المذكور مناقشة بعيدة السادسة الصورة بحالها والثاني غير مجدد كما لو توضأ للنافلة أو للتأهب ثم ذهل عنه وتوضأ للفريضة بعد دخول الوقت وحكمها كالأولى السابعة ان يكون الأول واجبا والثاني مندوبا مجددا وحكمه يستفاد من التفاصيل السابقة الثامنة الصورة بحالها والثاني مندوب غير مجدد كما لو توضأ للصلاة الواجبة في وقتها ثم ذهل عنه وتوضأ للتأهب لفريضة أخرى قبل دخول وقتها فان قلنا بالقربة والوجه بحسب الظاهر واكتفينا بذلك فالوجه الصحة والا فحكمه ما يعرف من المباحث السالفة واعلم أنهم حكموا بإعادة الصلاة الواقعة بالوضوء الأول مطلقا عند التردد المذكور وفيه اثبات اعادته بعد خروج الوقت اشكال ولو تعددت الصلاة الواقعة بعد الطهارة الثانية أيضا كما لو تعددت الطهارة أعاد والصلوتين الطهارة إذ لا فرق بين الصلاة الواحدة والمتعددة وقد مر الكلام في ذلك ولو تطهر وصلى واحدث والمراد مرتبا وان لم يكن الواو للترتيب عند المصنف وجمهور المحققين ثم تطهر وصلى كذلك ثم ذكر اخلال عضو مجهول بالنسبة إلى الطهارتين وان علم عينه كالوجه مثلا أعاد الصلاتين بعد الطهارة ان اختلفتا عددا كالمغرب والعشاء لفساده إحديهما بفساد لا يمكن الترديد للاختلاف والا أي وان لم يكونا مختلفين عددا كالظهر والعصر فالعدد أي وجب فريضة بعدد إحديهما مرددا بينهما في النية على قول معظم الأصحاب لصدق الامتثال بالترديد وللأصل السالم عن معارضة كونه مقدمة للواجب ولقائل ان يمنع الأول بناء على أن الفائت الفعل مع نية التعيين فمجرد الفعل غير كاف في القضاء لا يقال نية التعيين متعذر لأنا نقول لا نسلم ذلك إذ يمكن تعيين وجوب الجميع عليه وإن كانت الفائت واحدا تحصيلا لليقين إذ لا؟؟؟؟ في ايجاب الظهر مثلا ثانيا عند الشك بحصولها أولا كما إذا شك في الاتيان بالظهر في وقت فان الظاهر أنه يفعلها حينئذ بنية الظهر جزما وان وقعت أولا في الواقع ثم إن كفى في الاتيان بالظهر مثلا أداء نية ما في الذمة أو وظيفة الوقت يصح الاستدلال وان منازع في الثاني بناء على أن المسألة من باب اليقين في أصل التكليف والشك في عنوان ما يحصل الامتثال والظاهر أن القضاء لا يثبت له كونه ظهرا مثلا فان الله تعالى أوجب على المكلفين صلاة معينة في وقت معين وهو المراد بالظهر ثم أوجب على المكلفين الاتيان بمثله عند نواتها ولا يصدق على هذه الصلاة كونها ظهرا بل انما هي بدل عنها فلا يمكن في القضائية كونها ظهرا فما دل على الاتيان بمثل الفائت كان المراد منه الاتيان بمثله في جميع الخصوصيات سوى نية كونه
(٤٥)