ان ما ذكره العلامة في التذكرة مخالف لظاهر الأصحاب ومشهور العامة أيضا لان عندهم يجب تحليل ما عدا اللحية خف أو كثف والتفصيل بالخفة والكثافة تحص اللحية عندهم وليس مذهب المصنف كذلك حجة المشهور وجوه منها ان الوجه اسم لما يواجه به ظاهرا فلا يتبع غيره ومنها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قلت له أرأيت ما كان تحت الشعر قال ما أحاط به الشعر فليس للعباد ان يغسلوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء ورواه الصدوق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أرأيت ما أحاط به الشعر فقال كل ما أحاط الله به من الشعر فليس للعباد ان يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء ومنها ما رواه الشيخ والكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام في الرج يتوضأ أيبطن لحيته قال لا ومنها الأخبار المستفيضة الدالة على جواز الاكتفاء بالغرفة الواحدة في غسل الوجه إذ يستبعد ان يحصل بالغرفة الواحدة غسل المنابت وأصول الشعر وفيه ضعف لوجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعور على كل حال كما سيجيئ وما يكفي لها لا يبعد ان يكفي لمنابت الشعر ومنها ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه وهو قريب من السابق استدلالا وايرادا ومع أنه صلى الله عليه وآله كثيف اللحية كما نقل فلا يدل على المطلوب أصلا ومنها ما رواه الشيخ عن زرارة في القوى عن أبي جعفر عليه السلام ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة وانما عليك ان تغسل ما ظهر ولفظة انما للحصر وفي الرواية تأمل من حيث السند وفيها أيضا ضعف اخر من حيث اشتمالها على حكم مخالف للاخبار الكثيرة ومذهب أكثر الأصحاب واعلم أنهم فسروا الخفيف بما يرى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب أو ما يصل الماء إلى لبنية من غير مبالغة والكثيف مقابله وذكروا ان البشرة الظاهرة في خلال الشعور يجب غسله بلا خلاف وحينئذ يقل الجدوى في الخلاف المذكور كما قاله بعض العلماء وان أردت تحقيق المقام فاعلم أن الخلاف المذكور يحتلم وجودها ثلثة وان اختلف عبارات الأصحاب في ظهور الانطباق على بعضها دون بعض الأول ان الشعور إذا كانت بحيث يظهر بعض البشرة من خلالها ويسر بعضها بها هل يجب غسل البشرة المستورة أم لا وبتحرير الخلاف على هذا الوجه صرح الثاني الشهيد (؟؟) ان الشعور التي لا تشتر ما تحتها عرفا هل يجب غسل ما تحتها أم لا والظاهر من المختلف ان الخلاف في ذلك الثالث ان البشرة التي تظهر في بعض مجالس التخاطب دون بعض هل يجب غسله أم لا وبعض الفضلاء حرر الخلاف على هذا الوجه وعلى الوجه الأول فالأقرب المشهور للأدلة السابقة وإن كان في بعض منها ضعف وعلى الثاني فالأقرب خلافه لصدق اسم الوجه عليها على الظاهر وحصول المواجهة بها ولخبري التحديد ويؤيده رواية زرارة الدالة على وجوب غسل الظاهر ودخوله في قوله عليه السلام كل ما أحاط به الشعر غير ظاهر وكذا صدق التبطين عليه لأن الظاهر أن المراد به غسل الباطن وما نحن فيه في حد الظاهر وبالجملة يتوقف اليقين بالبراءة عليه وعلى الوجه الثالث فللتوقف فيه مجال وإن كان للقول بوجوب التخليل رجحان ثم اعلم أنهم ذكروا ان البشرة الظاهرة في خلال الشعور يجب غسلها على أي حال بل نقلوا الاجماع عليه وذكر بعض أفاضل الشارحين ان ذلك غير واضح الدليل ثم ذكر ان الظاهر من الاخبار عدم الوجوب لأن الظاهر منها الاكتفاء بإيصال الماء إلى ظاهر الوجه بكف واحد مع المبالغة وبكفين على تقدير عدمها وأظن عدم الوصول إلى ما بين الشعور من المواضع الصغيرة بذلك وفيه نظر لأنه يمكن الاستدلال على ما منعه بان اسم الوجه صادق عليها يتوقف اليقين بالبراءة عليه ويؤيده خبر التحديد وخبر زرارة الدال على وجوب غسل الظاهر واما ما ذكر من عدم وصول كف واحد إلى المواضع الصغيرة جدا محل المبالغة محل التأمل نعم قد لا يحصل العلم بذلك وحينئذ لا يبعد القول بعدم الكفاية فان الرواية لا تدل على الأجزاء على كل حال نعم المستفاد من الروايات ان أمر الغسل لا يغير فيه التعمق والتدقيق التام والتكلفات الشائعة بين المبتدعين وأهل الوسواس بل المستفاد منها انه هين مسامح يكتفى فيها بالظن الغالب والمبالغة في الجملة لصدق الغسل عرفا بذلك وبالجملة حال البشرة الظاهرة في خلال الشعور حال غيرها من اجزاء الوجه وما ذكر دال على عدم لزوم المبالغة التامة ولا اختصاص له بالبشرة المذكورة وهل يستحب تخليل اللحية الخفيفة نفاه المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم السابقة وأثبته المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى ولو مع الكثافة قال لما رووه ان النبي صلى الله عليه وآله أنه قال امرني جبرئيل عن ربي ان اغسل فنكى عند الوضوء وهما جانبا العنفتقة أو طرف اللحيين عندها وفي الغريبين مجمع اللحيين ووسط الذقن وهما قيل العظمان الناشزان أسفل من الاذنين وقيل هما ما يتحركان من الماضع دون الصدغين وعنه عليه السلام انه كان ينضح عابته وهي الشعر تحت الذقن وان عليا عليه السلام كان يخلل لحيته انتهى والوقوف على ظاهر الخبر الصحيح أولي قال في الذكرى الأولى استحباب إفاضة الماء على ظاهر اللحية طولا وعرضا وصرح به ابن الجنيد وفي خبر زرارة الصحيح عن الباقر عليه السلام في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم غمس كفه في الماء ثم وضعه على جبينه وسيله على أطراف لحيته ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينيه مرة واحدة وفي الكافي وسد له على أطراف لحيته انتهى وهو حسن ويجب غسل اليدين مبتدئا بهما وجوبا عند المصنف من المرفقين بكسر الميم وفتح الفاء وبالعكس وهو موصل الذراع في العضد قاله الجوهري وغيره وهو المكان الذي يرتفق به اي يتكأ عليه قال الشهيد هو مجمع عظمي الذراع والعضد لا نفس المفصل وعلى هذا فشئ منه داخل في العضد وشئ منه داخل في الذراع وهو المفهوم من كلام الشهيد والمصنف في بعض كتبه وفسره بعض شراح قانون الطب بمفضل الساعد والعضد إلى أطراف الأصابع بدلالة الكتاب والسنة والاجماع على وجوب غسل هذا المقدار واما الابتداء بالمرفق فقد ظهر الخلاف فيه ولبحث عنه سابقا ويدخل المرفقين في الغسل بالجماع أصحابنا وأكثر العامة صرح بذلك جماعة من الأصحاب وذكر الفاضل الشارح ان وجوب غسل المرفق لا خلاف فيه انما الخلاف في أن سبب الوجوب هل هو النص أو الاستنباط من باب المقدمة وتظهر الفائدة في وجوب غسل جزء من العضد فيما لو قطعت اليد من المرفق والآية غير دالة على الوجوب الأصلي لان الغاية تكون داخلة كقوله تعالى من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وقولهم حفظت القران من أوله إلى اخره وقد تكون خارجه كما قوله تعالى وأتموا الصيام إلى الليل وقوله تعالى فنظرة إلى ميسرة والأكثر على خروج الغاية صرح به نجم الأئمة قال الشيخ أبو علي الطبرسي في جوامع الجامع لا دليل في الآية على دخول المرافق في الوضوء الا ان أكثر الفقهاء ذهبوا إلى وجوب غسلها وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام انتهى واما إلى في الآية بمعنى مع فلم نطلع على دليل يدل عليه الا ان الشيخ في الخلاف ذكر انه قد ثبت عن الأئمة عليهم السلام ان المراد بها في الآية معنى مع وهو مصدق فيما ادعاه واما قولهم الغاية تدخل في المغيى حيث لا مفصل محسوس فيه تأمل وكذا في قولهم المجانس داخل في الابتداء والانتهاء واستدل الأصحاب بروايات ضعيفة قاصرة عن الدلالة على الوجوب الأصلي فان بعضها تدل على أنه عليه السلام ابتداء من المرافق ولفظة من غير دالة على دخول المبدأ فان الأكثر على عدم دخول حدى الابتداء والانتهاء ومع ذلك فعله عليه السلام لا يدل على الوجوب الا إذا كان بيانا للمجمل وهو هنا ممنوع إذ لا اجمال في الآية على شئ من المذاهب فان عند البعض الكلام حقيقة في الدخول فلا اجمال وبعضها تدل في الجملة على أنه عليه السلام ادخل المرفق في الغسل وفيه ما قد عرفت واما ما يدل على أن الأقطع يغسل ما بقى من عضده أو من المكان الذي قطع منه فمع عدم طراحته في الوجوب يجوز ان يكون مختصا به بان يكون غسل شئ من المرفق بدلا عن غسل اليد في حقه واجبا وسيجئ تتمة الكلام فيه وينبغي التنبيه على أمور الأول قال في الذكرى الأقرب وجوب تحليل الشعر لو كان على اليد وان كتف لتوقف
(٢٨)