باس بذلك وعند تقدم غسل النصراني يغسل المسلم الحوض ثم يغسل ولعل الحكم مفروض فيما إذا كان الاغتسال بأخذ من ماء الحوض لا بالورود فيه يرشد إليه ايراده بلفظة على دون في وينبغي ان يفرض فيما إذا لم يبلغ ماء الحوض مقدار الكر ولم يتصل بالمادة حال الاغتسال ويكون للمسلم سبيل إلى اجرائه ليتصور امكان غسل الحوض ولا يخفى ان استثناء حال الاضطرار عن المنع من الوضوء بما يدخل اليهودي والنصراني يده فيه لا يخلو عن دلالة على الطهارة وان المنع محمول على الاستحباب وأشار إليه المحقق وأجاب بأنه لعل المراد بالوضوء التحسين لا الرفع قال ويلزم من المنع كالتحسين المنع من رفع الحديث بل أولي وفيه تعسف ظاهر وكذا ما يقال الاستثناء حال الضرورة إشارة إلى تسويغ استعماله في غير الطهارة عند الاضطرار وأقرب منهما حمل الاضطرار على حال التقية ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل صافح مجوسيا قال يغسل يده ولا يتوضأ ومنها ما نقله ابن إدريس في كتاب السرائر عن جامع البزنطي قال وسألته عن الرجل يشترى ثوبا من السوق لبيسا لا يدرى لمن كان يصلح له الصلاة فيه قال إن كان اشتراه من مسلم فليصل فيه وان اشتراه من نصراني فلا يلبسه ولا يصلى فيه حتى يغسل ومنها ما رواه الصدوق في الموثق عن سعيد الأعرج انه سال أبا عبد الله عن سؤر اليهودي والنصراني يؤكل أو يشرب قال لا رواه الكليني والشيخ بطريق حسن لكن باسقاط قوله يؤكل أو يشرب ومنها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن انية أهل الذمة والمجوس فقال لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم الذي يشربون منها الخمر ورواية هارون بن خارجة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انه أخالط المجوس فاكل من طعامهم قال لا ورواية سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طعام أهل الكتاب ما يحل منه قال الحبوب ومنها ما رواه الكليني في باب اللباس الذي يكره وما لا يكره في الموثق عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت الطيلسان يعمله المجوس اصلى فيه قال أليس يغسل بالماء قلت بلى قال لا باس قلت الثوب الجديد يعمله الحائك اصلى فيه قال نعم وروى الشيخ في باب الاحداث من الزيادات عن عيسى بن عمر مولى الأنصار في الضعيف انه سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يحل له ان يصافح في المجوسي فقال لا فسأله أيتوضأ إذا صافحهم قال نعم ان مصافحتهم ينقض الوضوء هذا غاية ما يمكن ان يحتج به للنجاسة وفيه نظر إما الاحتجاج بالآيتين فلما عرفت على أن اثبات كونهم مشركين بالمعنى المقصود في الآية لا يخلو عن اشكال فان الظاهر أن المراد بالمشرك من اعتقد لله شريكا في الإلهية ويجوز ان يكون اطلاق المشرك عليهم في قوله تعالى سبحانه وتعالى عما يشركون بمعنى اخر كما هو الظاهر فلا يتم الاستدلال قيل وقد ورد في اخبارنا ان معنى اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله امتثالهم أوامرهم ونواهيهم لا اعتقادهم انهم آلهة وربما كان في الآيات المتضمنة العطف المشركين على أهل الكتاب وبالعكس بالواو اشعار بالمغايرة واما الاخبار فلكونها معارضة بأقوى منها دلالة فحملها على الاستحباب غير بعيد ويدل على هذا الحمل بعض الأخبار الآتية قال الشهيد الثاني أكثر اخبار النجاسة يلوح منها إرادة الكراهة فان النهى عن المصافحة والاجتماع على الفراش الواحد لابد من حمله على الكراهة إذ لا خلاف في جوازه والامر بغسل اليد من المصافحة مع كون الغالب انتفاء الرطوبة محتاج إلى الحمل على خلاف الظاهر أيضا وهذا كله يوجب ضعف دلالتها فيقرب فيها ارتكاب التأويل وذلك بحمل نواهيها على الكراهة وأوامرها على الاستحباب واطلاق النهى عن الصلاة في الثوب قبل الغسل أيضا يحتاج إلى تأويل على أن الأخبار الدالة على النهى من مؤاكلتهم أو الاكل عن طعامهم أو الاكل عن انائهم أو شرب سؤرهم غير دالة على نجاستهم لعدم انحصار علة شئ مما ذكر في النجاسة الا ان يثبت عدم القائل بالفصل واما حجة القول بطهارة أهل الكتاب فهى الأصل وظاهر قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والعرف قاض في مثله بالعموم والاعتبار الذي ذكروها في عموم المفرد المعرف بالام جار ههنا فيجب الحمل على العموم إذ لا قرينة على إرادة نوع خاص وإذا ثبت العموم والغالب في الطعام المصنوع المباشرة بالأيدي مع قبوله الانفعال من حيث الرطوبة يلزم طهارة المباشرة لاستلزام الحل الطهارة والأخبار الكثيرة منها صحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه السلام الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية ولا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة قال لا باس تغسل يديها ومنها صحيحة إبراهيم بن أبي محمود أيضا قال قلت للرضا عليه السلام الخياط أو القصار يكون يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا باس ومنها صحيحة عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مؤاكلة اليهودي والنصراني فقال لا باس إذا كان من طعامك وسألته عن مؤاكلة المجوسي فقال إذا توضأ فلا باس ومنها صحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في طعام أهل الكتاب فقال لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال لا تأكله (ثم سكت هنيئة ثم قال لا تأكله) ولا تتركه تقول انه حرام ولكن تتركه تنزه عنه ان في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير وقد يقال إن هذا الحديث معلول المتن لأنه يدل على أنه عليه السلام نهى ثم سكت ثم نهى ثم سكت ثم أمر في الثالث بالتنزه عنه وهذا يؤذن بالتردد في حكمه وحاشاهم سلام الله عليهم من التردد فيما يصدر عنهم من الاحكام فان احكامهم ليست صادرة عن الظن وفيه نظر لأن علة السكوت ثم الامر ليست منحصرة في التردد فيجوز ان يكون ذلك لمصلحة أخرى قال الشهيد الثاني تعليل النهي في هذه الرواية بمباشرتهم للنجاسات يدل على عدم نجاسة ذواتهم إذ لو كانت نجسة لم يحسن التعليل بالنجاسة العرضية التي قد يتفق وقد لا يتفق ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن انية أهل الذمة فقال لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة والدم ولحم الخنزير ومنها حسنة الكاهلي قال (سأل) رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن قوم مسلمين حضرهم رجل مجوسي يدعونه إلى طعامهم فقال إما انا فلا ادعوه ولا أواكله فاني لأكره ان أحرم عليكم شيئا يصنعونه في بلادكم ومنها رواية زكريا بن إبراهيم قال دخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت اني رجل من أهل الكتاب واني أسلمت وبقى أهلي كلهم على النصرانية وانا معهم في بيت واحد لم أفارقهم بعد فاكل من طعامهم فقال لي يأكلون لحم الخنزير قلت لا ولكنهم يشربون الخمر فقال لي كل معهم واشرب ومنها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وقد سأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة قال لا الا ان يضطر إليه وقد ذكرت في حجج النجاسة لكنها بالدلالة على الطهارة أشبه وان أمكن الايراد عليه بأنه غير صريح في الطهارة لجواز حمل الاضطرار المستثنى على حال التقية ومنها موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو اناء غيره إذا شرب على أنه يهودي فقال نعم قلت فمن ذاك الماء الذي يشرب منه قال نعم هذا غاية ما يمكن ان يحتج به للطهارة ويرد على التعلق بالآية إما أولا فلانا لا نسلم ان المراد بالطعام مطلق المأكول لجواز ان يكون المراد به الحنطة بناء على أن استعمال لفظ الطعام في البر حقيقة أو غلب استعماله فيه قال صاحب المجمل قال بعض أهل اللغة الطعام البر خاصة وذكر حديث أبي سعيد كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله صاعا من طعام أو صاعا من كذا وقال صاحب الصحاح و ربما خص اسم الطعام بالبر وقال في القاموس الطعام البر وكل ما يؤكل وقال في المغرب الطعام اسم لما يؤكل وقد غلب على البر ومنه حديث أبي سعيد ولأجل ذلك ذكر المحاملي والاقطع في كتابيهما الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة في الوكيل الشراء الطعام هل يخص بالحنطة أو بها وبالدقيق قال الأقطع والأصل في ذلك أن الطعام المطلق اسم للحنطة ودقيقها سلمنا ان الآية بظاهرها عامة الا ان الاخبار ناطقة بتخصيصه منها ما رواه الصدوق عن هشام ابن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم قال العدس والحمص وغير ذلك ورواها الشيخ بطريق لا يبعد ان يعد من الصحيح (ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح) عن قتيبة قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام فقال له الرجل اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامهم حل لهم فقال الحبوب والبقول وقد يقال في تخصيص الآية بالحبوب وشبهها اشكال وحاصله ان الحبوب ونحوها داخلة في عموم الطيبات وعطف الخاص على العام انما يجوز مع وجود نكتة ولا نكتة هيهنا الا إذا حمل الطعام على العموم فان النكتة حينئذ ظاهرة من حيث إن تعليق التحليل بالطيبات يؤذن بان طعام أهل الكتاب ليس محللا على الاطلاق إذ المانع منه لا ينفك عن ملاقاة النجاسة غالبا أو من مخالطة بعض المحرمات فيحسن لذلك افراده بالذكر وبيان الرخصة فيه وأجيب عنه بان مثل هذه النكتة يمكن اعتبارها على تقدير التخصيص فان الاحتمال قائم في الحبوب ونحوها وذلك لان المباشرة بأيديهم والمزاولة في وقت التصفية وغيرها لا يؤمن معها ملاقاة ما يوجب التنجيس أو يقتضي الاستخباث فبين
(١٥١)