بالتخيير بين الغسل بعد انقضاء العادة والصبر إلى انقضاء الثمانية عشر لكن الأول أقرب وعلى كل تقدير فلا ريب في أن للمعتادة الرجوع إلى العادة لاستفاضة الروايات بذلك وصراحتها في المطلوب ولا يبعد ان يقال لها الاستظهار إلى عشرة أيام لموثقة يونس بن يعقوب السابقة وقد ذكر الشيخ في التهذيب انه لا خلاف بين المسلمين ان عشرة أيام إذا رأت المراة الدم من النفاس وما زاد على ذلك مختلف فيه هذا حكم المعتادة واما المبتداة فيشكل الامر فيه لعدم نص دال على حكمها صريحا والمصنف في المختصر ذهب إلى أن أيام نفاسها ثمانية عشر نظرا إلى الأخبار الدالة على أن أيام النفاس ثمانية عشر بناء على أن المعارض فيها مخصوص بالمعتادة وفيه ان تخصيص تلك الأخبار بالمبتدأة تخصيص بعيد وقد يقال إن أسماء تزوجت بابي بكر بعد موت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكانت قد ولدت منه عدة أولاد ويبعد جدا ان لا يكون لها في تلك المدة كلها عادة في الحيض وهو متجه وقد يناقش في الحكم المذكور بان الحكم بالرجوع إلى العادة يدل على ارتباط النفاس بالحيض واختلاف عادات النساء لا يقتضى الا اخذ المبتداة بالأكثر منها وهو لا يزيد على العشرة فالقدر المذكور من التفاوت بين المعتادة والمبتدأة لا يساعد عليه الاعتبار وبالجملة حكم المبتداة محل التردد والاشكال وطريق الاحتياط أسلم وقد ورد في المسألة وروايات أخر دالة على اعتبار ما زاد على ما ذكر فمنها ما رواه الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن النفساء كم يجب عليها ترك الصلاة قال تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط إلى ثلثين يوما فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت وصلت إن شاء الله تعالى ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال تقعد النفساء إذا لم ينقطع عنها الدم ثلثين أربعين يوما إلى الخمسين ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن يحيى الخثعمي في القوى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النفساء فقال كما كانت تكون مع ما مضى من أولادها وما جربت قلت فكم تلد فيما مضى قال بين الأربعين والخمسين ومنها ما رواه عن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال النفساء إذا ابتليت بأيام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك واستظهرت بمثل ثلثي أيامها ثم تغتسل وتحتشي وتصنع كما تصنع المستحاضة وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيام أمها وأختها أو خالتها واستظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة وتحتشي وتغتسل وفى بعض الروايات الضعيفة انها تقعد أربعين يوما وأجاب الشيخ عنها بالحمل على التقية وهو حسن وقال ابن بابويه والاخبار التي رويت في قعودها أربعين يوما وما زاد إلى أن يظهر معلولة كلها وردت للتقية لا يفتى بها الا أهل الخلاف واعلم أن الشارح الفاضل ذكر ان الرجوع إلى العادة انما يكون عند تجاوز العشرة إما إذا انقطع على العشرة فالجميع نفاس وقد نبه عليه المصنف ولا يخفى ان دليله غير واضح بل المستفاد من عموم الأخبار السابقة خلافه وحكمها كالحائض في كل الاحكام الا الأقل قال في المنتهى وحكم النفساء حكم الحائض في جميع ما يحرم عليها ويكره ويباح ويسقط عنها من الواجبات ويستحب وتحريم وطئها وجواز الاستمتاع بما دون الفرج لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم وقال في المعتبر والنفساء كالحائض فيما يحرم عليها ويكره وهو مذهب أهل العلم لا اعلم فيه خلافا ويستثنى من الحكم المذكور أمور الأول الأقل الثاني الأكثر فان في أكثر النفاس خلافا مشهورا بخلاف الحيض الثالث ان الحيض قد يدل على البلوغ بخلاف النفاس فان الدلالة حصلت بالحمل الرابع انقضاء العدة بالحيض غالبا دون النفاس ولو حملت من زنا ورأت قرائن في زمان الحمل حسب النفاس قرأ اخر وانقضت العدة به الخامس ان الحائض انما ترجع إلى عادتها في الحيض عند التجاوز بخلاف النفساء فإنها ترجع إلى عادة الحيض لا النفاس السادس ان الحائض ترجع إلى عادة نسائها في بعض الصور بخلاف النفساء وكذا لا ترجع المبتداة والمضطربة إلى الروايات ولا إلى التمييز في النفاس بخلاف الحيض السابع لا يشترط في النفاسين مضى أقل الطهر كما في التوأمين بخلاف الحيض الثامن النية كما إذا أرادت تخصيص الحدث الموجب للغسل فان هذه تنوى النفاس وتلك الحيض وغسل النفساء كالحائض والظاهر أنه مذهب العلماء كافة كما قال المحقق في المعتبر ويدل عليه اطلاق الامر بالغسل ويتفرع على اتحاد النفساء والحائض في الاحكام ان النفساء لو استحيضت بان تجاوز دمها العشرة فإن كانت مبتدأة أو مضطربة جعلت ما بعد العشرة والثمانية عشر استحاضة تعمل فيها ما تعمل المستحاضة حتى يدخل الشهر المتعقب للشهر الذي ولدتا فيه فترجعان مع استمرار الدم إلى التغيير ثم ترجع المبتداة إلى عادة الأقارب والاقران ثم إلى الروايات والمضطربة مع فقد التمييز إليها وإن كانت معتادة جعلت عادتها النفاس والباقي استحاضة وان وجدت في الشهر الأول أياما لا تنقص على الثلاثة ولا تزيد على العشرة بصفة الحيض مع تخلل الدم الذي ليس بصفة بينها وبين النفاس فمقتضى ما اخترنا في الحيض من أن التعويل حينئذ على مجرد العادة عدم التحيض بها وعلى ما اختاره المتأخرون من التحيض بها بناء على أن الرجوع إلى مجرد العادة عند عدم امكان الجمع بينهما وبين التمييز فجعلها حيضا ولو انقطع دم النفاس ثم عاد الدم بعد انقضاء العشرة فعلى المشهور حيض مطلقا وعلى ما اخترته سابقا حيض إن كان بصفته والا ففيه النظر الذي أشير إليه في مباحث الحيض ولو لم يتخلل أقل الطهر فلا يبعد ان يكون حيضا أيضا إن كان بصفة إذ لا دليل على اعتبار أقل الطهر بين الحيض والنفاس ولو تراخت ولادة أحد التوابين وهما الولدان في بطن واحد بعدد أيامها من التوام الثاني لصدق الولادة عنده فيثبت له حكمه وابتداؤه أي ابتداء نفاسها من ولادة التوام الأول لصدق الاسم والظاهر أن كل ما تراه المراة بعد كل منهما نفاس مستقل فيثبت له حكمه لا ان المجموع نفاس واحد كما تشعر بي العبارة ويمكن تخلل الطهر بين النفاسين وإن كان بعيدا ويتفرع على كونها نفاسين ما لو ولدت الثاني لدن وعشرة من ولادة الأول ولم تر بعد ولادة الأول الا يوما واحدا مثلا وانقطع في باقي الأيام المتخللة فإنه يحكم بكونه طهرا وان رأت يعد ولادة الثاني في العشرة بخلاف ما لو حكم بكونهما نفاسا واحدا بناء علما سيجيئ من أن الانقطاع المتخلل في أثناء العشرة بحكم النفاس وتردد المحقق في كون الدم العارض قبل ولادة الثاني نفسا بناء على انها حامل ولا نفاس مع الحمل ثم اختار كونه نفاسا لحصول مسمى النفاس وهو تنفس الرحم به بعد الولادة فيكون لها نفاسا ولو رأت الدم يوم العاشر فهو النفاس وهذا انما يستقيم على قول من يجعل أيام النفاس عشرة مطلقا واما على رأى المصنف فيحتاج إلى تقييد وتفصيله ان المعتادة لدون العشرة إذا رأت الدم في جزء من أيام العادة وانقطع على العاشر فالجزء الذي رأت الدم فيه إلى العاشر نفاس بناء على ما سبق من أن دم الحيض إذا انقطع على العاشر فالجميع حيض وقد عرفت ان للاشكال فيه سبيلا وان تجاوز العشرة فذلك الجزء نفاس خاصة واما من كانت عادتها عشرة أو كانت مبتدأة أو مضطربة فرات الدم يوم العاشر فهو النفاس سواء تجاوز العاشر أو انقطع عليه واعلم أن هذا الحكم مقطوع به في كلامهم واستشكله بعض أصحابنا المتأخرين بناء على عدم العلم باستناد هذا الدم إلى الولادة وعدم ثبوت الإضافة إليها عرفا ولو رأته أي العاشر والأول خاصة فالعشرة نفاس هذا متفرع على اتحاد حكم الحائض والنفساء مطلقا الا ما خرج بالدليل وان لم يثبت اجماع على الكلية المذكورة كان للتأمل في الحكم المذكور مجالا لفقد النص الدال عليه ولابد من التقييد بما إذا انقطع الدم على العاشر كما مرت الإشارة إليه ولو فرض تجاوز العشرة فالحكم كذلك إن كانت عادتها عشرة أو كانت مبتدأة أو مضطربة على قول المصنف والا فنفاسها الأول خاصة وان صادف الثاني جزء من العبادة فجميع العادة نفاس المقصد الرابع في غسل الأموات وما يتبعه من التكفين والتحنيط والدفن وغسل الميت وهو واجب على الاحياء المكلفين بلا خلاف وفيه ثواب عظيم فروى الكليني من سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام قال أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه اللهم ان هذا بدن عبدك المؤمن وقد أخرجت روحه منه وفرقت بينهما فعفوك عفوك الا غفر الله له ذنوب سنة الا الكبائر وعن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال من غسل ميتا نادى فيه الأمانة غفر له قلت وكيف يؤدى فيه الأمانة قال لا يخبر بما يرى وعن إبراهيم بن عثمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما من مؤمن يغسل مؤمنا ويقول وهو يغسله رب عفوك عفوك الا عفى الله عنه وعن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال كان فيما ناجى الله به موسى وبه قال يا رب ما لمن غسل الموتى قال اغسله من ذنوبه كما ولدته امه على الكفاية لا على الأعيان فإذا أفي به بعض المكلفين سقط عن الباقين وكذا باقي احكامه أي الأحكام المتعلقة بالميت من توجيهه إلى القبلة وتكفينه وتحنيطه ودفنه لا بذل الكفن والحنوط وماء الغسل فإنه مستحب كما سيأتي وهل المعتبر في السقوط عن المكلفين العلم بوقوع الفعل على الوجه الشرعي أم يكفي الظن الغالب بذلك فيه قولان أقربهما الأول لتحقق التلكيف وعدم دليل دال على سقوطه بالظن والى الثاني ذهب جماعة عن الأصحاب منهم المصنف استنادا إلى أن العلم بان الغير يفعل كذا في المستقبل ممتنع فلا تكليف به والممكن انما هو تحصيل الظن والاستبعاد وجوب حضور
(٧٩)