صائر في صحة الرواية وإن كان صفوان هو ابن يحيى فما ذكره من تحقق الواسطة صحيح وهو قادح في الصحة المصطلح عليها لكن صفوان ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم والظاهر من حاله وجلالة شانه انه لا يروى الا عن الثقات وقد نص على ذلك الشيخ في العدة وهذا يعملون الأصحاب بمراسيله وقد صرح بذلك الشهيد في الذكرى فعلى هذا تحقق الواسطة غير قادح في الاعتماد على الخبر وبالجملة هذا الخبر من الاخبار المعتمدة ورواية زرارة في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يوجر عليه وجه الدلالة ان الظاهر أن المراد بالوضوء الموضوع في تلك الأخبار حقيقة الوضوء الواجبة أو الوضوء الكامل إذ حملها على منتهى مرتبة جوازه بعيد عن أسلوب مثل هذا الكلام جدا وحيث تعذر حمله على حقيقة الوضوء الواجبة فمقتضى الاجماع والاخبار تعين الثاني فاندفع ما قيل من أنه يمكن حمله على أن المراد بيان نهاية الجواز جمعا بينه وبين ما دل على مذهب ابن بابويه مستشهدا بحسنه الأخوين السابقة وضعف الاستشهاد ظاهر على أن خبر زرارة يدل على حصول الأجزاء بالغسلة الثانية بناء على أظهر الاحتمالين من ارجاع الضمير إلى المصدر المفهوم من زاد وهو دليل الاستصحاب وكذا ما يقال من أنه محمول على الغرفتين على طريقة نفى البأس نعم يمكن ان يقال يجوز حمل ما دل على المرة على غسلة واحدة واخبار التثنية على أن المراد بها غرفتان على طريقة الاستحباب فلا يتعين الجمع المشهور لكن لا اعلم أحدا من الأصحاب ذهب إلى هذا فالاجتراء على القول به مشكل فحمل تلك الأخبار على التحديد جمعا بينه وبين ما سيجيئ غير بعيد وكذا حملها على التقية لما قيل من أن العامة ينكرون الوحدة ويوردون اخبار التثنية ومما يوافق المشهور أيضا ما رواه بأسناد منقطع أبو جعفر الأحول عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال فرض الله الوضوء واحدة واحدة ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله الوضوء للناس اثنتين اثنتين ذكرها ابن بابويه وحملها على الانكار لا الاخبار وما رواه باسناد منقطع عمرو بن أبي المقدام قال حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول انى لاعجب ممن يرغب ان يتوضأ اثنتين اثنتين وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتين اثنتين ذكرها ابن بابويه وحملها على التحديد وكذلك ما روى أن مرتين أفضل معناه التجديد وكذلك ما روى في مرتين انه اسباغ ولعله إشارة إلى ما رواه في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام حيث نقل ما كتب الرضا عليه السلام للماء؟ ون عن الفضل بن شاذان باسنادين لا يخلو عن اعتبار وذكر فيه ثم الوضوء كما أمر الله تعالى في كتابه غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة وظاهره ان يكون المرة إشارة إلى الجميع ثم ذكر بعد تمام الرواية سندا أخرى للرواية قويا وزاد فيه أشياء على السابق وذكر في جملته الوضوء مرة مرة فريضة واثنتان أسباع وذكر ان الرواية الأولى عندي أصح ورواها باسناد اخر احتج ابن بابويه على ما نقله مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال والله ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله الا مرة مرة وبأنه توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله فقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ونقل بعض الأخبار الدالة على مرتين حمل بعضها على الانكار وبعضها على التحديد كما مر وأجيب عنه بان المراد في الخبرين الوضوء الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وآله بيانا ويؤيده قوله عليه السلام هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الابة فإنه بدل على أنه عليه السلام كان في بيان أقل الواجب وأيده بعضهم بما نقل من طريق العامة تتمة لهذا الخبر وهو قوله ثم توضأ مرتين وقال هذا وضوء من ضاعف الله له الاجر ويؤيد مذهب ابن بابويه الأخبار الدالة على حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وصحيحة أبى عبيدة الحذاء وصحيحة حماد بن عثمن وموثقة عبد الكريم إذ يستبعد تركهم عليه السلام لهذه السنة وحمل الكل على أنه كأن في مقام بيان أقل الواجب مع أنه لا اشعار فيها عليه بعيد خصوصا موثقة عبد الكريم وبعض الأخبار الواردة في صفة وضوئهم عليه السلام مع اشتماله على ذكر المندوبات كخبر عبد الرحمن بن كثير الهاشمي لخلوه عن ذكر التثنية وتؤيده حسنة ميسر وبعض الأخبار الموافقة لها في المعنى وما رواه الكليني عن داود بن فرقد في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن أبى كان يقول إن للوضوء حدا من تعداه لم يوجر وكان أبى يقول انما يتلدد فقال له رجل وما حده قال تغسل وجهك ويديك وتمسح رأسك ورجليك قال تلدد التفت يمينا وشمالا وتحير وما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام من توضأ مرتين لم يوجر ويومى إلى أفضليته الوحدة قوله عليه السلام في صحيحة زرارة ان الله وتر يحب الوتر ثم تقريع ما بعده عليه ويؤيده ما رواه الشيخ باسناد مجهول عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال الوضوء واحدة فرض واثنتان لا يؤجر والثالثة بدعة وأجاب عنه في المختلف بان المراد منه ان من يعتقدان الثانية فرض كالأولى لم يوجر عليه بدلالة ما رواه عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال من لم يستيقن ان الواحدة من الوضوء لم يؤجر على الثنتين وهذه الرواية اوردها الشيخ باسناد فيه توقف بالجملة الجمع بين الاخبار إما ترجيح المشهور وحمل تلك الأخبار على الوضوء البياني لأقل الواجب ترجيحا للشهرة والاجماع المنقول سابقا وإن كان دون اثباته مع مخالفة المشايخ الثلاثة خرط القتاد والتأويل المذكور لا يجرى في بعض الأخبار السابقة فيحتاج فيه إلى تأويل واما بترجيح المذهب لاخر وحمل اخبار التثنية على التقية أو التجديد ولعله أظهر وقد تحمل على معنى اخر وهو ان المراد بقوله عليه السلام الوضوء مثنى مثنى ان الوضوء الذي فرضه الله على العباد انما هو غسلتان ومسحتان لا كما يزعمه المخالفون من أنه ثلث غسلات ومسحة واحدة وقد اشتهر عن ابن عباس انه كان يقول الوضوء غسلتان ومسحتان ومما يؤيد هذا الاحتمال ما رواه يونس بن يعقوب في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين فان المراد الغسلتان والمسحتان لا تثنية الغسلات فإنها ليست ما افترضه الله على العباد ولا يخفى ان حمل لفظة مرتين على هذا المعنى بعيد جدا قوله عليه السلام في خبر زرارة من زاد لم يؤجر عليه لا يناسبه وحمل خبر يونس على أنه عليه السلام وصف الفرد الكامل من الطبيعة الواجبة أقرب من هذا الحمل فكان السائل سأل عن فرد من افراد الطبيعة الواجبة فأجاب عليه السلام بالفرد الكامل لا انه سال عن فرد يكون ذلك الفرد واجبا فلا تأييد فيه ثم في عد هذا الخبر من الصحاح نظر بل الصحيح انه من الموثقات وهذه المسألة محل اشكال والأحوط الأولى الاجتزاء بالغسلة الواحدة تغضيا عن الخلاف بل بالغرفة الواحدة تأسيا بأصحاب الصمة فان ما نقل من وضوئهم عليهم السلام لم يكن الا بغرفة واحدة وإن كان جواز الغرفتين مقتضى لاطلاقات مع عدم ظهور قائل بنفيه فرعان الأول من زاد على الواحدة معتقدا وجوبها فمقتضى خبر عبد الله بن بكير السالف عدم الاجر ولا يبطل لصدق الامتثال للثاني المشهور تحريم الثالثة لكونها احداثا في الدين ما ليس منه واستدل عليه المشهور بكونها منافية للموالاة الواجبة وهو مبنى على مذهبه من وجوب المتابعة وتدل عليه مرسلة ابن أبي عمير السابقة وقال ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمقيد بعدم الأخر والمفيد حكم بتحريم ما زاد على الثالثة استنادا إلى قوله عليه السلام في خبر زرارة الوضوء مثنى مثنى من زاد عليه لم يؤجر وهو لا ينطبق على دعواه وأبو الصلاح حكم ببطلان الوضوء بالثالثة وارتضى جماعة من المتأخرين ان مسح بمائها وهو حسن بعد ثبوت وجوب المسح ببقية ماء الوضوء واستوجه المحقق في المعتبر الجواز لان اليد لا ينفك عن ماء الوضوء الأصلي وهو ضعيف كما لا يخفى الدعاء عند كل فعل في الفقيه قال الصادق عليه السلام بينا أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع ابنه محمد بن الحنفية إذ قال يا محمد آتني باناء من ماء أتوضأ للصلاة فاتاه محمد بالماء فأكفاه بيده اليمنى على يده اليسرى ثم قال بسم الله وبالله والحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا قال ثم استنجى فقال اللهم حصن فرجى واعفه واستر عورتي وحرمني على النار قال ثم تمضمض فقال اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك وشكرك ثم استنشق فقال اللهم لا تحرم علي ريح الجنة واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها قال ثم غسل وجهه فقال اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه ثم غسل يده اليمنى فقال اللهم اعطني كتابي بيمنى والخلد في الجنان بيساري وحاسبني حسابا يسيرا ثم غسل يده اليسرى فقال اللهم لا تعطني كتابي بيساري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك رب من مقطعات النيران ثم مسح رأسه فقال اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك ثم مسح رجليه فقال اللهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الاقدام وجعل سعيي فيما يرضيك عنى ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال
(٤١)