ويمكن الاعتذار عنه بان المراد برجوعها إلى التمييز ما إذا طابق تمييزها العادة بدليل ما ذكر من ترجيح العادة على التمييز واعترض عليه بأنه لا يظهر لاعتبار التمييز فائدة على هذا الاعتذار وذكر الشارح الفاضل ان الاشكال لا يتحقق في ذاكرة العدد خاصة الا في صورة زيادة العدد على التمييز أو نقصانه عنه وفى الصورتين بجمع بينهما لامكان الجمع فيندفع الاشكال واما ذاكرة الوقت خاصة فالاشكال ثابت فيها لتحقق المنافاة باعتبار علمها بالوقت قال بعض المتأخرين ويمكن ان يقال باعتبار التمييز في الطرف المنسى خاصة أو تخصيص المضطربة بالناسية للوقت والعدد فان فقد أي العادة والتمييز رجعت المبتداة وقد مر الكلام في تفسيره إلى عادة أهلها وهن الأقارب من الأبوين أو أحدهما ولا يعتبر العصبة لعدم الدليل ويعلل أيضا بان المعتبر الطبيعة وهي جاذبة من الطرفين وهذا الحكم أعني رجوع المبتداة إلى عادة أهلها مع فقد التمييز مشهور بين الأصحاب ونسبه في المعتبر إلى الخمسة واتباعهم وحجتهم عليه ما رواه الشيخ والكليني عن سماعة باسناد فيه ارسال قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها قال أقراؤها مثل اقراء نسائها فإن كان نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام وعن زرارة ومحمد بن مسلم في الموثق بعلى بن الحسن بن فضال عن أبي جعفر عليه السلام قال المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدى باقرائها ثم تستظهر على ذلك بيوم مضافا إلى أن الحيض تعمل فيه بالعادة وبالامارة كما ترجع إلى صفات الدم ومع اتفاقهن يغلب على الظن انها كإحداهن إذ من النادر ان تشذ واحدة من جميع الأهل هذا والتعليل لا يصلح للحجية ولعل غرضهم منه التأييد واما الخبران وان كانا غير صحيحين لكن الثاني خبر معتمد يصلح للتعويل لكنه يدل على جواز الاقتداء ببعض نسائها مطلقا وهو خلاف المعروف من مذهبهم واما الخبر الأول فضعيف السند الا ان الشيخ في الخلاف نقل اجماع الفرقة على العمل بمضمونه فبذلك يصح التعويل ومقتضاه انها ترجع إليهن مع اتفاقهن وبه صرح الفاضلان ورجح الشهيد اعتبار الأغلب مع الاختلاف ولا دليل عليه ولا فرق بين الحية من الأهل والميتة المعلومة عادتها ولا بين المساوية في السن والمخالفة ولا بين البلدية لها وغيرها لعموم النص وقرب المصنف في النهاية اعتبار الأقارب مع تقارب الأسنان قال فلو اختلفن فالأقرب ردها إلى من هو أقرب إليها ورجح الشهيد في الذكرى اعتبار البلد في الأهل والاقران محتجا بان للبلدان اثرا في تخالف الأمزجة ونقل الشارح الفاضل عن بعض مشايخه اعتبار البلد فان فقد فاقرب البلدان إلى بلدها فالأقرب عموم النص يدفع ذلك كله فان اختلفن أو فقدن إما بعدمهن أصلا أو بموتهن وعدم علمها بعادتهن أو بعدم تمكنها من استعلام حالهن رجعت إلى اقرائهن أي ذوات أسنانها كما في بعض عبارات الأصحاب قال الشارح الفاضل ليس في كلام الأصحاب تعيين للقدر الذي يتحقق به الاقران في السن وفى الصحاح القرن مثلك في السن قال والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف وهو دال على أن من ولدن في السنة والواحدة اقران وفيما زاد عنها اشكال وهذا الحكم ذكره الشيخ في المبسوط وجمع من الأصحاب وربما يفهم من بعض عباراتهم التخيير بين المراجعة إلى الأهل والاقران وحكى المصنف عن المرتضى وابن بابويه عدم ذكر الاقران ومال إليه وأنكر الرجوع إلى الاقران المحقق في المعتبر فقال ونحن نطالب بدليله فإنه لم يثبت ولو قال كما يغلب على الظن انها كنسائها مع اتفاقهن يغلب في الاقران منعنا ذلك فان ذوات القرابة بينها مشابهة في الطباع والجنسية والأصل يقوى الظن مع اتفاقهن بمساواتها لهن ولا يخفى ان انكار ظن الموافقة عند اتفاق الاقران لا يخلو عن بعد الا ان اثبات وجوب العمل بالظن المذكور يحتاج إلى دليل واعترض الشهيد في الذكر على كلام المحقق بأن لفظ نسائها دال عليه لان الإضافة يصدق بأدنى ملابسة ولما لابسها في السن والبلد صدق عليهن النساء واما المشاكلة فمع السن واتحاد البلد تحصل غالبا قال ليس في كلام الأصحاب منع منه وان لم يكن فيه تصريح به قال نعم الظاهر اعتبار اتحاد البلد في الجميع لان للبلدان اثرا ظاهرا في تخالف الأمزجة ويرد عليه ان الملابسة المذكورة لو كانت كافية في صحة المراجعة لم يستقم اشتراط اتحاد البلد والسن بل يلزم صحة الاكتفاء بأحدهما لصدق الملابسة في أحدهما لتكثر وجوه الملابسات وذلك يؤدى إلى ما هو متيقن بالاجماع وتوقف تمامية المشاكلة ومقاربة الطبيعة على اجتماع الامرين لا يصلح مخصصا لعموم النص ولقائل أن يقول يستعين في تخصيص النص بالاجماع الدال على عدم صحة الاكتفاء بأحد الامرين المذكورين أو غيرها فيبقى ما لم يثبت الاجماع على نفيه داخلا في عموم النص وحينئذ يبقى الكلام في اشتراط اتحاد البلد فان الأكثر لم يعتبروه والحق ان حمل اللفظ على هذا المعنى العام خلاف الظاهر خصوصا مع استلزام ذلك للتخصيص البعيد بل المتبادر منه الأقارب فاذن القول بعدم النظر إلى الاقران أقرب فان اختلفن أي الاقران ولو بواحدة كما تقدم أو فقدن ببعض المعاني السابقة تحيضت في كل شهر هلالي بسبعة أيام أو ثلاثة أيام من شهر وعشرة أيام من شهر اخر للأصحاب في هذه المسألة أقوال كثيرة منها انها مخيرة بين التحيض في الشهر الأول ثلاثة أيام وفى الشهر الثاني عشرة وبين التحيض في كل شهر سبعة أيام وهو قول الشيخ في الجمل وموضع في المبسوط ومنها انها تجعل عشرة أيام حيضا وعشرة أيام طهرا وعشرة أيام حيضا وهو قول الشيخ في موضع من المبسوط ومنها التخيير بين التحيض في كل شهر سبعة أيام وبين التحيض في الشهر الأول عشرة وفى الشهر الثاني ثلثة وهو ظاهر الشيخ في النهاية ومنها التخيير بين الثلاثة من الأول والعشرة من الثاني وبين الستة وبين السبعة وهو قول الشيخ في الخلاف ومنها التخيير بين الثلاثة من شهر وعشرة من اخر وبين الستة وبين السبعة وهو مختار المصنف وجماعة من الأصحاب ومنها التحيض في الأول بثلاثة وفى الثاني بعشرة وهو قول ابن البراج ومنها عكس ذلك نقله ابن إدريس عن بعض الأصحاب ومنها التحيض في كل شهر بستة أيام نقله ابن ابن إدريس أيضا عن بعضهم ومنها انها تتحيض في كل شهر بعشرة أيام نقله المحقق عن بعض فقهائنا ومنها انها تجلس من ثلثة إلى عشرة وهو قول المرتضى وظاهر ابني بابويه ومنها انها تترك الصلاة في كل شهر ثلاثة أيام وتصلى سبعة وعشرين يوما وهو قول ابن الجنيد واختاره المحقق في المعتبر والذي وصل إلينا في هذا الباب روايات أربع الأولى قوله عليه السلام في مرسلة يونس الطويلة وتحيض في كل شهر في علم الله بسبعة أيام أو ستة أيام ومقتضاها التخيير بين الستة والسبعة وينقل عن بعضهم الاحتجاج به على السبعة ولا وجه له واستضعف هذه الرواية المحقق في المعتبر بأن رواية محمد بن عيسى عن يونس ضعيفة استثناها الصدوق ودفعه الشهيد بالشهرة في النقل والافتاء بمضمونه حتى عد اجماعا الثانية ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال المراة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما فان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما قال الحسن وقال ابن بكير هذا مما لا يجدن ومنه بدا الثالثة ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير أيضا في الموثق قال في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فيكون مستحاضة انها تنتظر بالصلاة فلا تصلى حتى يمضى أكثر ما يكون من الحيض فإذا مضت ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ثم صلت فمكثت تصلى بقية شهرها ثم تترك الصلاة في المرة الثانية أقل ما تترك امرأة الصلاة وتجلس أقل ما يكون من الطمث وهو ثلاثة أيام فان دام عليها الحيض صلت في وقت الصلاة التي صلت وجعلت وقت طهرها أكثر ما يكون من الطهر وتركها الصلاة أقل ما يكون من الحيض وبهاتين الروايتين استدلوا على التحيض بالثلاثة والعشرة ومقتضاهما التحيض بالثلاثة دائما في غير الدور الأول ولا دلالة فيهما على التحيض بالعشرة بعد الثلاثة كما هو رأى الشيخ واتباعه الرابعة رواية سماعة السابقة وهي موافقة لقول ابن بابويه واعلم أن الأخبار الواردة في هذا الباب لم تبلغ شئ منها حد الصحة كما قاله المحقق في المعتبر والمصنف في المختلف لكن عندي انه لا يبعد العمل بروايتي ابن بكير لما أشرنا إليه في المباحث السابقة من حصول الظن بمثل تلك الأخبار وهو غاية ما يحصل من الأدلة التي تعول عليها في الاحكام الفقهية ولا يبعد أيضا العمل بمرسلة يونس لاشتهارها بين الأصحاب فلعل ذلك جابر لضعفها الا ان العمل بالاحتياط في أمثال هذه المواضع أوجه قال المحقق بعد استضعافه للرواية الواردة في هذا الباب والوجه عندي ان تتحيض كل واحدة منهما يعنى المبتدأة والمضطربة بالتفسير الذي ذكره وهي من لم تستقر لها عادة ثلاثة أيام لأنه المتيقن في الحيض وتصلى وتصوم بقية الشهر استظهارا وعملا بالأصل في لزوم العبادة انتهى ويؤيد ما ذكره حصول الاتفاق بالتحيض ثلاثة أيام ولا دليل على الباقي بناء على استضعاف الروايات فتبقى الأدلة الدالة على لزوم العبادة سالمة عن المخصص ولا ريب ان ما ذكره أحوط وهل المراد بقوله عليه السلام ستة أو سبعة في رواية يونس التخيير أو العمل بما يؤدى اجتهاده إليه ويغلب على ظنه انه الحيض قيل بالثاني واختاره المصنف في النهاية لأنه لولا ذلك يلزم التخيير بين فعل الواجب وتركه وهو منقوض بأيام الاستظهار واختار المحقق الأول تمسكا بظاهر اللفظ قال وقد يقع التخيير في الواجب كما يتخير المسافر بين
(٦٧)