التوصل به إلى شئ من الغايات المشروطة به حتى لو فرض العلم أو الظن باثناء وجوب الغاية لم يجب وتظهر فائدة الخلاف في أمرين الأول ان الجنابة سبب تام في وجوب الغسل على الأول فمتى حصلت الجنابة وجب الغسل وإن كانت الذمة برية من غاية مشروطة به فينوي الوجوب حينئذ لكن الوجوب موسع لا يتضيق الا بتضييق الغاية المشروطة به وعلى الثاني تكون الجنابة سببا ناقصا في وجوب الغسل وانما يتم عند شغل الذمة بمشروط به فينوي الوجوب حينئذ وقبل ذلك لو فعل لا يكون الا ندبا فلا يصح حينئذ نية الوجوب وبالجملة ينوى الوجوب قبل الوقت على الأول والندب على الثاني وفيه نظر إذ لا مانع من أن يكون الفعل واجبا لغيره ومع ذلك بفعل وجوبا قبل دخول وقته إذا كان وجوب الغاية في وقتها مظنونا الا ترى ان قطع المسافة ليس واجبا لنفسه بل واجب للحج ومع ذلك لم يجب ايقاعه لأجل زمان الحج وإذا كان قطع المسافة قبل زمان الحج واجبا لم يصح فعله بنية الندب بل الوجوب بل نقول صحة الصوم مشروط بالاغتسال من الجنابة سابقا عند الأكثر وما لا يتم الواجب المطلق الا به فهو واجب فيكون الغسل واجبا للصوم قبل دخول وقته فحينئذ إما ان يفعله بنية الوجوب وبنية الندب والثاني غير صحيح إذ لا يمكن ايقاع الفعل بقصد الندب إما اعتقد انه واجب فثبت الأول ويلزم منه ان وجوب الشئ لغيره لا ينافي ايقاعه سابقا عليه بنية الوجوب لكن الظاهر أن تقابلين بوجوب الغسل لغيره قاطعون بأنه ينوى الندب قبل دخول زمان الغاية الواجبة حتى أن الشهد في الذكرى فسر الوجوب لغيره بكون الموجب دخول الوقت أو أحد الامرين منه ومن الحدث بشرط الأخر وهذا تفسير للملزوم باللازم ان صحت الملازمة بين الامرين إذ ليس هذا عين معنى وجوب الشئ لغيره الثاني لو ظن الوفاة قبل شغل ذمته بالمشروط به وجب المبادرة إلى الغسل على الأول ولا يجوز التأخير عن وقت يظن الموت بالتأخير بخلاف الثاني فان قلت الظاهر أنه لا خلاف بين الفريقين في صحة الغسل وشرعيته قبل دخول الوقت وانه إذا فعل سابقا على الوقت لم يجب عليه بعد دخوله فيكون الغسل قبل دخول الوقت والغسل بعده متشاركين في حصول البراءة بكل واحد منهما والعصيان بتركهما جميعا فيكون إرادة الشارع متعلقة بايقاع الفعل في هذا الوقت أو ذاك وهذا دليل على أن كلا منهما فرد للواجب الموسع بلا فرق بينهما فكيف يعقل القول بعدم الوجوب قبل الوقت قلت مجرد ما ذكرت غير كاف في الوجوب قبل الوقت يقتضى أمرا اخر وهو حصول العصيان بتركه حينئذ في بعض الأحوال وهو وقت يظن الفوات بالتأخير والقائلون بعدم الوجوب قبل الوقت ينكرون ذلك فلعلهم يقولون الغسل مكلف به قبل الوقت بتكليف استحبابي وبعد الوقت بتكليف ايجابي مشروطة ببقاء الحدث والآتيان بالغسل قبل الوقت احتج القائلون بوجوبه لغيره بوجوه الأول قوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا ويمكن الاستدلال بها من وجوه الأول ان يقال إنها معطوفة على قوله تعالى فاغسلوا بتقدير الشرط في المعطوف عليه فيكون تقدير الكلام إذا أردتم القيام إلى الصلاة فان كنتم جنبا فاطهروا ويستفاد من هذه العبارة وجوب الاطهار لأجل الصلاة فإنه إذا قيل إذا أدت الحرب فخذ سلاحك يفهم منه عرفا طلب اخذ السلاح لأجل الحرب الثاني ان يقال بعد تقدير الكلم على الوجه السابق ان الكلام في قوة الشرطية لان إذا ههنا مستعملة في الشرطية وإن كان في الأصل لنا فيه ومفهوم الشرط حجة ويلزم منه انتفاء الوجوب عند انتفاء إرادة الصلاة فيكون الوجوب لغيره الثالث ان يقال إنها معطوفة على الوضوء المشروط بالصلاة اجماعا والتيمم المشروط بها اتفاقا معطوف عليه فلو لا كون حكمه كذلك لزم تهافت كلامه تعالى بتوسيطه معطوفا بين عبادتين مشروطتين كذلك مصرحا بالاشتراط في أولهن بقوله إذا قمتم قضبة للشرط الرابع ان يقال إنه معطوف على الوضوء المشروط بالصلاة اتفاقا فيكون كذلك لوجوب التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه الخامس ان يقال مع قطع النظر عن كونه معطوفا على الوضوء بل على الجملة السابقة ان التوسيط الذكرى بين الوضوء والتيمم يقتضى المشاركة معهما في الحكم المذكور والجواب عن الأول ان غاية ما يلزم منه وجوبه لأجل الصلاة وذلك لا ينافي وجوبه لنفسه أيضا فيجوز ان يجتمع فيه الوجوبان ولا يفهم منه التخصيص ولا يراد النية لوجوبه لغير الصلاة كالطواف ومس كتابة القران وغيرها بالاتفاق وعن الثاني حجية مفهوم الشرط انما يكون إذا لم يكن للتعليق بالشرط فائدة أخرى سوى التخصيص ويجوز أن تكون الفائدة ههنا بيان ان الغسل واجب لأجل الصلاة فيكون الغرض متعلقا ببيان الوجوب العارض له عند إزادة الصلاة لأجلها وإن كان واجبا في نفسها ولو لم يعلق بالشرط المذكور لا يفهم منه ذلك مع أنه يستفاد من التعليق المذكور فائدة أخرى وهي اشتراط الصلاة به منضما إلى معناه المطابقي بأوجز لفظ أحسن أسلوب وذلك لأنه يستفاد منه وجوب الاطهار سابقا على الصلاة فالاتيان بالصلاة بدونه كان ضدا للواجب وضد الواجب قبيح لا يجوز التعبد به على ما تقرر من أصول أصحابنا في مظانه اللائقة به وأيضا الجزاء مجموع الشرطتين على سبيل الاستغراق الافرادي إذ الكلام في قوة قولنا إذا قمتم إلى الصلاة فان كنتم محدثين فتوضأوا وان كنتم جنبا فاطهروا فاللازم من الشرطية انتفاء المجموع عند انتفاء الشرط لا انتفاء كل واحد فيجوز ان يكون المنفى عند عدم إرادة الصلاة وجوب الوضوء عند الحدث لا وجوب الغسل عند الجنابة فإذا قيل إذا كان وقت الظهر فزيد في المسجد وعمر ولم يكن منافيا لان بكون أحدهما قبل هذا الوقت في المسجد وأيضا لو سلم ان ذلك خلاف الظاهر لكن حمل الكلام عليه ليس أبعد من إرادة المفهوم بالنسبة إلى كل منهما وارتكاب التخصيص فيه إذ الاطهار قد يجب لغير الصلاة كالطواف ومس القران ودخول المساجد بل يجب الغسل لأجل الصلاة وان لم يرد الصلاة إذ لو لم يرد الصلاة ولم يغتسل ولم يصل كان معاقبا على ترك الغسل كما أنه معاقب على ترك الصلاة وبالجملة ارتكاب هذه التخصيصات الكثيرة ليس أهون مما ذكرنا وأيضا لو سلم دلالة ضعيفة على ما ذكرتم لكنه لا يصلح معارضا لأدلة القائلين بوجوب الغسل لنفسه وقد يمنع كون الشرطية المذكورة معطوفة على الوضوء بتأويل الشرط بل يقال إنها كونها معطوفة على الشرطية السابقة أظهر لكن ذلك عندي غير موافق للتحقيق وقد مر ذلك في أوائل مباحث الغسل وعن الثالث انا لا نسلم انه معطوف على الوضوء بل هذه الشرطية معطوفة على شرطية ان كنتم محدثين فتوضأ واو لا نسلم الاشتراك مع الوضوء والتيمم حينئذ سلمنا لكن هذا مجرد أولوية واستحسان لا يصلح للاحتجاج سلمنا لكن لا يصلح معارضا لأدلة المخالفين في ذلك كما سيجيئ وأيضا لا نسلم ان وجوب الوضوء والتيمم مشروط بالصلاة والاتفاق الذي ذكره ممنوع كيف وقد نقل الشهيد رحمه الله في الذكرى قولا بوجوب الطهارات أجمع بوجود أسبابها واحتمل المصنف ذلك في النهاية في الوضوء مع أن الظاهر أن هذا الخلاف متجدد بعد زمن الشيخ الطوسي رحمه الله وكلام المتقدمين غير مصرح في أحد الامرين وحصول الاتفاق بالمعنى المعتبر عند الإمامية في ذلك الزمان متعذر أو متعسر بل اتفاقهم في أكثر الامرين في ذلك الزمان يرجع إلى الشهرة بين اتباع الشيخ رحمه الله ولم اطلع على نقل الاتفاق على ذلك الا من المصنف في التذكرة والمدقق الشيخ على والشهيد الثاني رحمهم الله واما قوله مصرح بالاشتراط في اوليهن بقوله إذا قمتم فممنوع وقد مر الكلام عليه في أوائل كتاب الطهارة ومن هنا يظهر بعض طرق الجواب عن الرابع والخامس مع انا لا نسلم وجوب التساوي بين المعطوف عليه مطلقا ولا نسلم ان التوسيط الذكرى يقتضى المشاركة الحكمية على أنه يمكن ان يقال الآية حجة عليهم إذ يستفاد منها وجوب الغسل عند إرادة الصلاة بناء على كونه معطوفا على الوضوء بتقدير الشرط أو ادعاء المشاركة مع الوضوء في الاحكام وقد يكون الإرادة متحققة قبل الوقت ويلزم من ذلك وجوب الطهارة قبل الوقت وهم يتحاشون عن ذلك وهذا ابطال لقولهم بوجوب الغسل لغيره بابطال لازمه على زعمهم الثاني ومن أدلتهم قول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ولا صلاة الا بطهور قال الشهيد رحمه الله وهذا الخبر لم يذكره المتعرضون لبحث هذه المسألة وهو من أقوى الاخبار دلالة وسندا اورده في التهذيب في باب تفضيل الصلاة والاستدلال بالخبر بناء على اعتبار مفهوم الشرط وفى تعليق الفعل الدال على التجدد اشعار بذلك والجواب ان المشروط مجموع الطهور والصلاة على سبيل الاستغراق الافرادي واللازم من ذلك انتفاء المجموع المتحقق بانتفاء أحد جزئيه عند انتفاء الشرط فلا يتعين انتفاؤهما واما التجدد المستفاد من الفعل فيمكن ان يقال تعليقه على الشرط بناء على أن تأكد الوجوب وشدته متجدد عند الوقت أو يتجدد الوجوب في ضمن نوع منه وهو الوجوب لأجل الغير عند الوقت على أن هذه الصيغة شاع استعمالها في مجرد الثبوت من غير إرادة التجدد وأيضا مفهوم الشرط غير معتبر ههنا حذرا من لزوم التخصيص فيه لأنه قد يجب الطهور قبل دخول الوقت لأجل غايات اخر غير الصلاة وبالجملة ارتكاب ان التخصيص الذكرى لأجل التأكيد وشدة الاهتمام ولتمهيد اشتراط الصلاة به لا التخصيص الحكمي ليس أبعد من ذلك وأيضا فدلالة هذا الخبر دلالة مفهوم لا يصلح معارضا لما سنذكر من أدلة القائلين بوجوب الغسل لنفسه
(٥٤)