طرف من ذلك وروى الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل بصاع وإذا كان معه بعض نسائه يغتسل بصاع ومد وروى الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن وقت غسل الجنابة كم يجزى من الماء فقال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل بخمسة امداد بينه وبين صاحبته ويغتسلان جميعا من اناء واحد إلى غير ذلك من الاخبار ويستفاد من صحيحة الفضلاء ان ماء انقاء الفرج داخل في صاع الغسل ويحرم التولية في الغسل بان يصب الماء غيره لتعلق الامر به فيجب ان يأتي بالمأمور به بنفسه والمنقول عن ظاهر ابن الجنيد جواز ذلك وهو ضعيف ويكره الاستعانة فيه نحو صب الماء على اليد لتغسل وقد مر تحقيقها في مبحث الوضوء فروع الأول قال جماعة من الأصحاب باستحباب غسل كل عضو ثلثا لما فيه من الاسباغ ودلالة الصاع عليه والأولى الاستدلال عليه بالمساواة بينه وبين غسل الميت كما يستفاد من بعض الأخبار المعتبرة مع ثبوت التثليث في غسل الميت وقد دل الاخبار ههنا على تثليث الصب على الرأس وفى بعضها ثم ليصب على رأسه ثلث مرات فلا كفيه وفى بعضها ثم تصب على سائر جسدك مرتين وهذا لا ينافي استحباب التثليث لجواز ان يكون ذلك إشارة إلى بيان الواجب ويكون المراد من الغسل مرتين إشارة إلى غسل اليمين واليسار وأن يكون الغسل مرتين مستحبا ويكون التثليث اكد والثاني أقرب بقرينة المقابلة لقوله عليه السلام تصب على رأسك ثلثا قال في الذكرى وابن الجنيد حكم يغسل الرأس ثلثا واجتزا بالدهن في البدن قال ولا اختار ايثار ذلك مع امكان الماء واستحب ابن الجنيد أيضا للمرتمس ثلث غوصات تخلل شعره ويمسح سائر جسده عقيب كل غوصة قال في الذكرى ولا باس به لما فيه من صورة التكرار ثلثا حقيقة وفيه تأمل الثاني عد جماعة من الأصحاب من المندوبات الموالاة وهو حسن لما فيه من المبادرة إلى الطاعة والمسابقة إلى المغفرة قيل وللتحفظ من طريان المفسد لان المعلوم من صاحب الشرع وذريته المعصومين ذلك الثالث يستحب الدعاء لما رواه محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام يقول في غسل الجمعة اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني وتبطل عملي ويقول في غسل الجنابة اللهم طهر قلبي وزك عملي واجعل ما عندك خيرا لي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وفى المصباح تقول عند الغسل اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري واجر على لساني مدحتك والثناء عليك اللهم اجعله لي طهورا وشفاء ونورا انك على كل شئ قدير وقال المفيد إذا فرغ من غسله فليقل اللهم طهر قلبي إلى اخر ما مر قال في الذكرى ولعل استحباب ثواب الدعاء للغسل شامل حال الاغتسال وبعده قال ابن بابويه من اغتسل للجمعة فقال اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وال محمد واجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين كان طهرا من الجمعة إلى الجمعة الرابع قال في الذكرى الأقرب استحباب غسل المسترسل من الشعر لدلالة فحوى خبر من ترك شعره من الجنابة عليه وهذا إشارة إلى ما روى الشيخ عن حجر بن زائدة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار الخامس حكم المصنف باستحباب تخليل المعاطف والغضون ومنابت العشر والخاتم قبل إفاضة الماء للغسل ليكون بعد من الاسراف وأقرب إلى ظن وصول الماء قال في الذكرى وقد نبه عليه قدماء الأصحاب السادس عد المصنف البداة بغسل ما على جسده من الأذى والنجاسة من المستحب وكأنه حمل الامر الوارد بذلك على الاستحباب بقرينة المعطوف عليه وفيه تأمل السابع لا يجب الترتيب في نفس العضو للأصل وظاهر اطلاق النصوص وهل يستحب غسل فالأعلى قال في الذكرى الظاهر نعم لأنه أقرب إلى التحفظ من النسيان ولان الظاهر من صاحب الشرع فعل ذلك الثامن لا يستحب تجديد الغسل للأصل والاقتصار على مورد النص في الوضوء ولو أحدث المغتسل في أثنائه أي أثناء الغسل بماء أي بحدث يوجب الوضوء اعاده أي الغسل وفى هذه المسألة أقوال ثلثة الأول إعادة الغسل كما اختاره المصنف وهو مذهب الشيخ وابنى بابويه واختاره الشهيدان الثاني وجوب الاكمال والوضوء خاصة وهو مذهب المرتضى والمحقق واختاره جماعة من المتأخرين الثالث الاكتفاء بمجرد الاكمال وهو مذهب ابن البراج وابن إدريس واختاره الشيخ على ولا يخلو عن قوة ويدل عليه قوله تعالى ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا وجه الاستدلال انه سبحانه عنى المنع عن مقاربة الصلاة إلى غاية حصول الاغتسال فيعد حصوله لم يكن جواز الصلاة متوقفا على شئ اخر تحقيقا المعنى الغاية ووجوب مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها ولما رواه الشيخ عن يعقوب بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن غسل الجنابة هل فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل عليه السلام فقال الجنب يغتسل يبدأ إلى أن قال ثم قد قضى الغسل ولا وضوء عليه وجه الاستدلال بهذا الحديث ان من أحدث في الأثناء ثم أتم الغسل كما وصف عليه السلام صدق عليه انه قد قضى الغسل ولا وضوء عليه وبالجملة كلامه عليه السلام في قوة قولنا من فعل كذلك فقد قضى الغسل ولا وضوء عليه والمحدث في الأثناء داخل في الموضوع فيكون داخلا في المحمول أيضا إذ التخصيص خلاف الأصل لا يقال الأخبار الدالة على أن الحدث يوجب الوضوء عام خرج منه الاحداث الواقعة قبل الاغتسال بالأدلة فتكون الاحداث الواقعة في أثنائه داخلة في عموم الأخبار المذكورة لأنا نقول محصل ما يستفاد من تلك الأخبار يرجع إلى قضية هي قولنا كل من أحدث حدثا أصغر وجب عليه الوضوء و ومحصل هذا الخبر الذي احتجبنا به إلى قضية أخرى هي قولنا كل من اغتسل من الجنابة وفرغ منه لم يجب عليه الوضوء حينئذ والنسبة بينهما عموم من وجه فاما ان يخصص الأول الثاني أو الامر بالعكس لا وجه للأول لأنه على هذا التقدير يرجع محصل القضية الثانية إلى قولنا كل من اغتسل من الجنابة لم يجب عليه الوضوء الا ان يصدق عليه انه أحدث حدثا أصغر وهو خلاف الاجماع وخلاف ما علم من الكتاب والاخبار وفيه مناقشة دقيقه يندفع بالتأمل الصادق نعم لو كان خبر خاص يخصه باخراج محل النزاع لم يكن مخالفا للاجماع وكان صحيحا وليس فليس نعم يرد عليه ما أشرنا إليه سابقا من أن النظر في الأخبار الواردة عنهم عليهم السلام انما يكون مقصورا على الافراد الشائعة الغالبة لا الافراد النادرة التي لا يتبادر إليه الأذهان يدل عليه أيضا قول الصادق عليه السلام في صحيحة زرارة ليس قبله ولا بعده وضوء وجه الاستدلال قريب من السابق وبالجملة يصح تقسيمه إلى قولنا سواء أحدث في الأثناء أم لا وذلك أية العموم ويرد عليه ما أشرنا إليه وقول الصادق عليه السلام في موثقة عمار الساباطي وقد سئل عن الرجل إذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده فقال لا ليس عليه قبل ولا بعد قد اجزاءه الغسل الحديث ويؤيده في الجملة قوله عليه السلام في بعض الأخبار الصحيحة الغسل يجزى عن الوضوء وأي وضوء أطهر من الغسل وبعض الأخبار الدالة على أن الوضوء بعد غسل الجنابة بدعة والنظر الذي أشرنا إليه يتطرق إلى الكل وذكر بعض الأصحاب ان الصدوق روى في كتاب عرض المجالس عن الصادق قال لا باس بتبعيض الغسل فتغسل يدك وفرجك ورأسك وتخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك فان أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح أو منى بعد ما غسلت رأسك من قبل ان تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله ولو صح هذا الحديث لتعين العمل به لكن سنده غير معلوم حجة الفريق الأول وجوه أقواها وجهان الأول ما ذكره المصنف في النهاية وهو ان الحدث الأصغر لو تعقب كمال الغسل أبطل حكم الاستباحة ففي ابعاضه أولي فلابد من تجديد طهارة لها وهو الان جنب إذ لا يرتفع الا بكمال الغسل فيسقط اعتبار الوضوء والجواب منع الأولوية بل نقول القدر المسلم ان الحدث الأصغر إذا لم يجامع الاكر فهو سبب لوجوب الوضوء وإذا جامع الأكبر فلا تأثير له أصلا لابد لذلك من دليل الا ترى انه بعد الغسل يقتضى الوضوء وفى الأثناء لا يقتضيه عندكم فلم لا يجوز ان لا يؤثر في الأثناء أصلا ويؤثر تأثيرا يرتفع ببعض الغسل لابد لنقضه من دليل وقريب منه كلام الشهيد في الذكرى حيث رجح مذهب المصنف لامتناع الوضوء في غسل الجنابة وامتناع خلو الحدث عن اثر هنا مع تأثيره بعد الكمال وجوابه يظهر مما فردنا الثاني ما ذكره الشارح الفاضل وهو ان غسل الجنابة يرفع اثر الحدث الأكبر واصغر على تقدير وجوده قبل الغسل فهو مؤثر تام لرفعهما معا فكل جزء منه مؤثر ناقص في رفعهما بمعنى ان له صلاحية التأثير ولهذا لو أخل بلمعة يسيرة لا من بدنه لم يرتفع الحدث أصلا لان كمال التأثير موقوف على كل جزء من الغسل فإذا فرض عروض حدث أصغر في أثنائه فلابد لرفعه من مؤثر تام وهو إما الغسل بجميع اجزائه كما قررناه أو الوضوء والثاني منتف في غسل الجنابة للاجماع على عدم مجامعة الوضوء الواجب له وما بقى من اجزاء الغسل ليس مؤثرا تاما لرفعه فلابد من اعادته من رأس والجواب انا لا نسلم ان غسل الجنابة يرفع اثر الحدث الأصغر إذ لا نسلم ان الحدث الأصغر إذا جامع الجنابة يكون له اثر يحتاج إلى رافع ولا دليل عليه إذ لا يستقل العقل بالحكم عليه ولا اجماع فيه انما الاجماع على أن الاحداث إذا حصلت مع عدم مجامعتها لجنابة كانت سببا لوجوب الوضوء
(٦٠)